أعلان الهيدر

الأربعاء، 8 أبريل 2020

الرئيسية الرؤية الاستطيقية لثنائية القبيح والجميل؟

الرؤية الاستطيقية لثنائية القبيح والجميل؟


الرؤية الاستطيقية لثنائية القبيح والجميل؟



تأليف: كارل روزنكرانز
ترجمة: كمال بومنير



كارل روزنكرانز Karl Rosenkranz فيلسوف ولاهوتي ألماني. ولد في مدينة ماغدبورغ عام 1805 وتوفي في غونغزبرغ عام 1879. درس الفلسفة واللاهوت في برلين، وتابع دروس شلايرماخر وتعرف على العديد من تلامذة هيغل. وكلف في عام 1939 بإعداد السيرة الذاتية لهيغل التي نشرت في 1844،التي تعتبر أهم ما كتب حول السيرة الذاتية لهذا الفيلسوف. غير أنه –ومنذ عام 1850 عمل على تأسيس منظومته الفلسفية بالارتكاز على فلسفة هيغل وبالرجوع إلى أفكار العديد من الفلاسفة (سبينوزا،كانط، شليغل، شلايرماخر). هذا ويمكننا اعتبار كتابه الموسوم ﺑ "استطيقا القبح" الصادر عام 1853 من أهم كتب كارل روزنكرانز. لقد ذهب في هذا الكتاب المتميز إلى القول بأنّ القبح هو المقولة الأساسية في الإستطيقا، مخالفا بذلك التقليد الفلسفي الذي كان سائدا في الحقل الفلسفي منذ بومغارتن وكانط وشيلر الذين كانوا يعتبرون الجميل المقولة المركزية والمحورية في هذا الحقل. من أهم مؤلفات روزنكرانز :"تاريخ الشعر الألماني" 1830، "نقد شلايرماخر" 1836، "دروس في فلسفة شيلينغ" 1842، "حياة هيغل" 1844، "النظام التربوي" ،1848 "إصلاحي للفلسفة الهيغيلية" 1852، "استطيقا القبح" 1853،"علم منطق الفكرة" 1858، "ديدرو: حياته وأعمال" 1866، "دراسات جديدة" 1875، "الشعر وتاريخه" 1885.
النص:
من المعلوم أنّ الجميل يتقوّمُ بذاته، ومن ثمة يمكن أن ينبع من الفن من دون أن تكون له علاقة بشيء آخر، بل ومن دون أن يستند إلى خلفية أوسع منه. أما القبيح –وعلى العكس من ذلك- فلا يمكن أن تكون له مثل هذه الاستقلالية من الناحية الاستطيقية. ووفقا لهذه النظرة، فإنّ القبيح قد يظهر لنا من الناحية التجريبية كشيء منفرد. ولكن بالنظر إلى الجانب الاستطيقي، لا يمكن أن نقّر بأنّ القبيح محدّد أو معيّن من الناحية التجريدية لأنّه ينعكس دائما على الجميل الذي يُعتبر شرطاً لازماً لوجوده. ووفقا لهذه النظرة، يمكننا القول إنّ الجميل يشكل خلفية أساسية للقبيح. وعلى هذا النحو، عندما نقول إنّ وجود القبيح يتوقف على الجميل فهذا لا يعني -بطبيعة الحال- أنّ القبيح قد يستعمل الجميل كوسيلة، فهذا لعمْرِي أمرٌ غير معقول على الإطلاق. ويمكن أن ينبهنا هذا الأمرُ إلى الخطر الذي يتعرض له الجميلُ عبر تنوعاته. لكن ذلك كله لا يمكن أن يصبح الموضوع المباشر والخاص للفن. ومن المهم أن نلاحظ، في أية حال، أنّ الأديان وحدها تستطيع أن تجعل القبيح موضوعا مطلقا، وهذا ما أثبتته فعلا تلك الأوثانُ الشنيعةُ التي عرفتها الشعوبُ البدائيةُ وبعض الطوائف المسيحية. ولعلّنا نذكّر عند هذه النقطة بأنّ القبيح لا يشكل، في حقيقة الأمر، سوى لحظة عابرة فيما يخص الرؤية الكلية للعالم. لذلك، عندما يكون (القبيحُ) متداخلا ومتشابكا مع هذا السياق الواسع فإننا –بكل تأكيد-سنتقبله بل قد نعتبره مثيرا للاهتمام أيضا. والحقيقة ُأنه بمجرد أن نخرجه من هذا السياق يصبح مجرد موضوع متعةٍ جماليةٍ. لننظر على سبيل المثال إلى لوحة "يوم الحساب" للرسّام الهولندي الشهير فان إيك Van Eyck؛ نشاهد في هذه اللوحة جناحا يمثّل هول الجحيم ويأس وقنوط المعذبين وسخرية الشياطين الذين تولوا تعذيبهم. وتوضيح ذلك أنّ الفنّان رسم لوحته انطلاقا من هذا الجناح الذي خصصه لعذاب المذنبين في الجحيم. ولكن ومع ذلك، لم يكن من الممكن أن يرسم الجحيم أو أحد الشياطين الموجودين فيه. إننا، بطبيعة الحال، قد نعزل القبيح لأسباب تعليمية، ويمكن للفنان أن يمثّله بدقة، غير أنه لن يقتنع حقا أنه أبدع عملا فنيا راقيا. والحالُ أنه لا نحتاج إلى كبير تأمل لكي يتبيّن لنا أنّ عزل القبيح يعني الاعتراف بأنه يتمتع بنوع من الاستقلالية المناقضة تماما لمفهوم القبيح ذاته. وفي مقابل ذلك، يمكننا عزل الجميل في فن الرسم حتى عن الطبيعة الصامتة La nature morte.

Karl Rosenkranz, Esthétique du laid. Traduit de l’allemand par Sibylle Muller, Paris, édition Circé, 2004, pp 68-70. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.