الإنسانُ والتقنية

تأليف : غونتر أندرس
ترجمة: كمال بومنير
غونتر أندرس Günther Anders (1992-1902) فيلسوف ألماني معاصر. كان على صلة بمعهد الدراسات الاجتماعية بفرانكفورت وصديقا لأدورنو وماركوز وبنيامين. تحصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة سنة 1924 تحت إشراف إدموند هوسرل. التقى بمارتن هيدغر، حيث ربطته به علاقة صداقة وثيقة. تزوج بالفيلسوفة حنة آرندت سنة 1929. وقد اضطر إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة بعد وصول النازية إلى الحكم سنة 1933، وظل يواصل كتاباته الفلسفية التي تمحورت حول نقد الحداثة التقنية وفضح توظيفها غير الإنساني والمتوحش في العالم المعاصر إلى غاية وفاته سنة 1992. من أهم أعماله: "تسفيلُ الإنسان" (1956)، "هيروشيما في كل مكان" (1959) "نحن أبناء أيشمان" (1988) "التهديد النووي" (1992).
النص:
من المعلوم أنّ عصرنا الحالي هو عصر التقنية، ولربما سيكتمل بها أيضا. بيْد أنّ الإنسان لازال يتوهم أنه سيد التقنية. ويمكن أن نجد تجسيدا لهذا الوهم في شخص سوبرمان. والجدير بالذكر بهذا الصدد هو أنّ هذا الشخص مكلفٌ بمهمة صرف النظر عن التقنية التي حلت محل الإنسان، بحيث أننا نعثر عليه في أي مكان يتم فيه الإعلاء من شأن التقنية في جميع أنحاء العالم. ولذلك يجب أن يُخفي حقيقةً وهي أننا سنصبح جميعًا مشتركين في صيرورة التاريخ، لا من طبقة أخرى مثل الطبقة العاملة، ولكن من تاريخ التقنية. والحالُ أنّ علاقتنا بالتقنية ليست سوى علاقة الفرد العامل بآلته. ومثلما يرى هذا الأخير أنه مقيد بتفوّق الآلة وسرعتها، ومضطر للحاق بها، يشعر برجوازيو البلدان الصناعية أنهم مضطرون للحاق بالمستوى الذي وصلت إليه التقنية في الوقت الحالي نظرا لتفوقها وتقدمها. والحقُ أنه لو كان هناك أمر قطعي اليوم لقال: "اعمل بحيث تكون قاعدة فعلك هي الجهاز الذي أنت أو ستكون جزءاً منه". بطبيعة الحال، إنّ هذا المبدأ المقبول ضمنيًا حيث كان، لم تتم صياغته في أي مكان، لأن التقنية لا تبوح بأسرارها.
Günther Anders, L’obsolescence de l’homme, t. 2 : Sur la destruction de la vie à l’époque de la troisième révolution industrielle. Traduit par Christophe David, Paris, éditions fario, 2011, p 35.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق