ما أهمية الفن؟
تأليف: فاسيلي كاندنسكي
ترجمة: كمال بومنير
من المعلوم أنّ الفن فاعليةٌ تسعى إلى تحقيق غاية ويجب أن تُستخدم بغرض
تطوير وتهذيب الروح الإنسانية. وتوضيح ذلك أنّ الفن هو اللغةُ التي تخاطب
الروح، ويهتم أيضا بأشياء ضرورية في حياة هذه الروح. وفي حالة ما إذا
امتنع الفنُ عن القيام بهذه المهمة فلن يملأ هذا الفراغ شيءٌ آخر
لأنه-والحقُ يقال- لا توجد فاعليةٌ أخرى يمكنها أن تقوم مقام الفن. وليس
بغير ذي أهميةٍ أن نلاحظ أنّ في اللحظات الروحية الشديدة التي تعرفها
الذاتُ الإنسانية يحي الفنُ من جديد لأنّ كل منهما يؤثر في الآخر. وتبعاً
لذلك، وفي الفترات التي تتأثر فيها روحُ الإنسان بالرؤى المادية وتصاب
بالريبة وتخضع للنزعات النفعية المترتبة عنها، يسود الرأيُ القائلُ بأنّ
الفن "الخالص" لم يعد مرتبطا بالأهداف المحدّدة للإنسان بل أصبح بلا هدف
(الفن من أجل الفن).ولا يخفى أنّ هذا ما يُحدث –بكل تأكيد-خللاً بين الفن
والروح يحول دون التفاهم بينهما. وتبعا لذلك، يصبح الفنّانُ
والمتلقي(اللذان يتواصلان عبر اللغة الروحية) غير قادريْن على التفاهم. ولا
نحتاج إلى كبير تأمل لكي يتبيّن أنّ أحدهما سيدير ظهره للآخر، أو ربما
يعتبره معجبا بمهارته وخياله.
وعلى هذا، لزم على الفنّان أن يعيد تصحيح هذا الوضع، عبر اعترافه بواجباته تجاه الفن، بل تجاه نفسه أيضا، بحيث لا يعتبر نفسه سيد الموقف وإنما مجرد خادم للمثل العليا، وملتزم بتلك المهمات الهامة والمقدسة. وفي هذا المضمار، على الفنّان أن يتربى ويعمّق روحه ويطوّرها حتى تبرز موهبته. والحقُ أنّ للفنّان ما يقوله لأنّ مهمته لا تكمن في التحكم في الشكل وإنما في تكييف هذا الشكل مع المضمون. لذلك، لا يحق له أن يعيش بدون واجبات، لأنّ مسؤوليته عظيمة. ولا يخفى أنّ أفعاله وأحاسيسه وأفكاره هي أساس ومرتكز كل أعماله الفنية. ومن ثمّ، فهو ليس حرا في حياته وإنما حر في فنه فقط. وفي هذا المضمار، يمكن تحديد المسؤولية التي تقع على عاتق الفنّان في النقاط التالية: أولا، يجب عليه أن يستعيد الموهبة التي عهدت إليه. ثانيا، عليه أن يسهم بأفعاله وأفكاره وأحاسيسه في تطهير أو (إفساد )المجال الروحي. ثالثا، إنّ أفعاله وأفكاره وأحاسيسه هي مواد لعمله الفني يمكن تؤثر بدورها في المجال الروحي. وإذا كان الفنّانُ خادمَ "الجميل"، وجب أيضا أن يبحث عن هذا الجميل انطلاقا من مبدأ "السمو الداخلي"، الذي وجدناه إلى حد الآن في كل مكان. ولا يمكن أن يُقاس هذا "الجميل" إلا على مستوى السمو و"الضرورة الباطنية" Nécessite intérieure .وليس بخافٍ أنّ "الجميل هو ما ينبثق من ضرورة باطنية للروح. فالجميل يتحدّد من الناحية الباطنية".
Wassily Kandinsky, Du spirituel dans l’art, et dans la peinture en particulier. Traduit de l’allemand par Nicole Debrand et du russe par Bernadette du Crest, Paris, éditions Denoël, 2004, p 203
وعلى هذا، لزم على الفنّان أن يعيد تصحيح هذا الوضع، عبر اعترافه بواجباته تجاه الفن، بل تجاه نفسه أيضا، بحيث لا يعتبر نفسه سيد الموقف وإنما مجرد خادم للمثل العليا، وملتزم بتلك المهمات الهامة والمقدسة. وفي هذا المضمار، على الفنّان أن يتربى ويعمّق روحه ويطوّرها حتى تبرز موهبته. والحقُ أنّ للفنّان ما يقوله لأنّ مهمته لا تكمن في التحكم في الشكل وإنما في تكييف هذا الشكل مع المضمون. لذلك، لا يحق له أن يعيش بدون واجبات، لأنّ مسؤوليته عظيمة. ولا يخفى أنّ أفعاله وأحاسيسه وأفكاره هي أساس ومرتكز كل أعماله الفنية. ومن ثمّ، فهو ليس حرا في حياته وإنما حر في فنه فقط. وفي هذا المضمار، يمكن تحديد المسؤولية التي تقع على عاتق الفنّان في النقاط التالية: أولا، يجب عليه أن يستعيد الموهبة التي عهدت إليه. ثانيا، عليه أن يسهم بأفعاله وأفكاره وأحاسيسه في تطهير أو (إفساد )المجال الروحي. ثالثا، إنّ أفعاله وأفكاره وأحاسيسه هي مواد لعمله الفني يمكن تؤثر بدورها في المجال الروحي. وإذا كان الفنّانُ خادمَ "الجميل"، وجب أيضا أن يبحث عن هذا الجميل انطلاقا من مبدأ "السمو الداخلي"، الذي وجدناه إلى حد الآن في كل مكان. ولا يمكن أن يُقاس هذا "الجميل" إلا على مستوى السمو و"الضرورة الباطنية" Nécessite intérieure .وليس بخافٍ أنّ "الجميل هو ما ينبثق من ضرورة باطنية للروح. فالجميل يتحدّد من الناحية الباطنية".
Wassily Kandinsky, Du spirituel dans l’art, et dans la peinture en particulier. Traduit de l’allemand par Nicole Debrand et du russe par Bernadette du Crest, Paris, éditions Denoël, 2004, p 203
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق