حول مبدأ احترام الحياة

تأليف: روبرتو أندورنو
ترجمة: كمال بومنير

من المعلوم أنّ الاهتمام الأساسي للبيوإتيقا Bioéthique هو أن تتوافق التطوراتُ البيو-طبية مع كرامة كل إنسان. ولتحقيق هذا الغرض، فهي موجَّهة ببعض المبادئ. غير أنّ هذا لا يعني أنّه يجب عليها أن تتجاهل أهمية الظروف الخاصة بكل حالة. لذلك يجب الرجوع إلى مفهوم الحذر –بمعنى التعقّل Phronésis الذي تحدث عنه أرسطو-بغية إيجاد حل للحالات الخاصة. ومع ذلك، من المهم أن نشير إلى أنه لا يمكن أن تبقى البيوإتيقا في مستوى الحالات الفردية، وإلا ستصبح مجرد خَلاقة Casuistique غير متبصّرة بالغائية العامة. وهكذا، فإنّ وجود مبادئ في البيوإتيقا يذكّرنا بأنّ لهذا المجال المعرفي "غاية"، وأنه يصبو إلى تحقيق بعض القيم، لاسيما ما تعلق بضمان حياة وكرامة المريض. وهكذا، إذا كانت البيوإتيقا هي "إتيقا الحياة" فإنه من المعقول أن نؤكد على أنه يجب أن تتوجّه بصورة أساسية إلى ضمان احترام ما يشكّل موضوعها الأساسي المتمثل في "المحافظة على الحياة الإنسانية". ووفقا لهذه النظرة، يمكننا اعتبار مبدأ احترام الحياة المبدأ الأسمى للبيوإتيقا. هذا، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا مبدأ يوجّه ويُلهم تطبيق المبادئ الأخرى. لذلك، كانت الأخلاق الطبية، على الأقل منذ هيبوقراط Hippocrate ، تعتبره مبدأً أساسيا في المجال الطبي [..]
والحالُ أنه من السهل علينا أن نفهم هذا الأمر: إنّ مما لا شك فيه أنّ الحياة، في نظر الشخص، هي القيمة الأساسية التي يتوقف عليها تحقيق القيم الأخرى كلها. وعلى هذا النحو، نستطيع أن نقول إنّ الحياة هي الشرط الأساسي لتنمية قدرات الذات. وهي بالإضافة إلى ذلك، الأساس الذي تُبنى عليه شخصية الإنسان. وهذا ما يدفعنا إلى القول إنّ الحق في الحياة هو أول حق من حقوق الإنسان، بل هو أصل ومصدر الحقوق الأخرى كلها.
Roberto Andorno, La bioéthique et la dignité de la personne. Paris, Presses Universitaires de France, 1997, p 20.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق