أعلان الهيدر

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019

الرئيسية حول مفهوم الجميل

حول مفهوم الجميل


حول مفهوم الجميل


تأليف: دافيد هيوم
ترجمة وتقديم: كمال بومنير

دافيد هيوم David Hume فيلسوف انجليزي، ولد عام 1711 بمدينة إديمبورغ وتوفي في 1776. يُعتبر أحد مؤسسي المذهب الحسي التجريبي مع جون لوك وجورج بركلي. انصبت اهتماماته على العديد من المجالات الفلسفية (المعرفية، النفسية،الأخلاقية، الاجتماعية،السياسية، الدينية، الجمالية)، ويعتبر من الفلاسفة الأوائل الذين ربطوا الجميل بالمتعة والذوق بحسب ما يتحقق عبر إحساسنا وهذا بغرض تخليص الجميل من المرتكزات والأسس اللاهوتية والميتافيزيقية التي ارتبط بها من قبل، وربطه بما هو ذاتي وإنساني، بحيث لا يحال هذا الإحساس إلى ما هو خارج الذات. ألف دافيد هيوم العديد من الأعمال الفلسفية من أهمها: "رسالة في الطبيعة الإنسانية" 1739، "موجز الرسالة في الطبيعة الإنسانية"،"محاولات في السياسية والأخلاق" 1742، "دراسة في الفهم الإنساني" 1748، "بحث في مبادئ الأخلاق" 1751، "خطابات سياسية" 1752، " تاريخ انجلترا" 1756، "محاورات في الدين الطبيعي" 1779.

النص:

الجمالُ ليس صفة محايثة للأشياء بل هو صفة موجودة في ذهن الإنسان الذي يتأمله. لذلك فإنّه من الطبيعي أن يدرك كل إنسان جمالا مغايرا لما يدركه غيره من الناس. فقد يدرك شخصٌ القبح في شيء ما في الوقت الذي يدرك فيه شخصٌ آخر الجمال في هذا الشيء. لذلك، يمكننا القول بأنه يجب على كل إنسان أن يكون متوافقا مع وجهة نظره من دون أن يدّعي أنه يوافق وجهات نظر غيره من الناس. وإذا كان الأمر كذلك، أصبح البحثُ عن الجمال الحقيقي أو القبح الحقيقي بحثا لا جدوى منه على الإطلاق. والحالُ أنّ هذا شبيه بمن يدّعي أنه قادر على التعرّف على الحلو أو المرّ.
معلومٌ أنّ شيئا ما قد يكون حلوا ومرا في آن واحد، وهذا أمر متوقف على حالتنا العضوية. لذلك فإنّ القول المأثور قد أشار إلى أنه يتعذر علينا حقا أن نتناقش حول اختلاف أذواق الناس. ومن هنا، يتبيّن لنا أنه من الطبيعي بل ومن الضروري أيضا أن تشمل هذه الفكرة البديهية الذوق الذهني بمثل ما تشمل الذوق الحسي. أما بالنسبة إلى الحس المشترك Sens commun الذي هو في أغلب الأحيان غير متوافق مع الفلسفة، والفلسفة الريبية Sceptique على وجه الخصوص، فيمكن أن يكون متوافقا معها في هذه المسألة على الأقل. ولكن ومع ذلك، يمكننا أن نجد نوعا من الحس المشترك غير المتوافق مع الفكرة القائلة بعدم جدوى الخوض في نقاش حول اختلاف أذواق الناس، أو على الأقل فيما يخص إمكانية تعديلها وتقييدها. وبناء على هذا، فإنّ كل من يحاول تأكيد وجود تساوٍ في العبقرية والأناقة بين أوجيلبي Ogilby وميلتون Miton أو بين بونيين Bunyan وأديسون Addison كمن يساوي –بنوع من الغرابة- بين بركة ماء ومحيط كبير. وحتى وإن فضّل البعض منا الكتّاب الأوائل فلا أحد سيأخذ مثل هذا الذوق بعين الاعتبار. وإذا كان الأمر كذلك، كان لزاما علينا أن نقرّر بأنّ إحساس هؤلاء النقّاد غير معقول وتافه. وفي هذه الحالة سرعان ما يتم نسيان مبدأ التساوي الطبيعي بين الناس في أذواقهم. والحالُ أنّه حينما تقترب الموضوعاتُ أو الأشياء من مبدأ التساوي، قد يبدو لنا في هذه الحالة أنّنا أمام مفارقة غريبة، أو بالأحرى أمام عبث حقيقي، وهذا حينما نقارن بين موضوعات وأشياء متفاوتة وغير متناسبة حقا. 

David Hume, Essais esthétiques. Traduction de Renée Bouveresse, Paris, éditions Flammarion, 2000, p127.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.