"حول طبيعة الإيقاع والألحان في فن الموسيقى"
تأليف: أوغست فيلهم شليغل
ترجمة وتقديم: أ.د/ كمال بومنير
أوغست فيلهم شليغل Auguste Wilhelm Schlegel فيلسوف وشاعر وعالم لغوي ألماني، وُلد عام 1767 وتوفي في 1845. يُعد أحد أقطاب ومنظري الحركة الرومانسية الألمانية Deutsche Romantik التي سادت في ألمانيا في النصف الأول من القرن الثامن عشر، وضمت العديد من الفلاسفة والأدباء (نوفاليس، الأخوان أوغست شليغل وفريدريش شليغل، فيشته، شيلينغ). هذا، وقد أسس الأخوان شليغيل مجلة "أثيناوم "Athenaeum عام 1798 التي كانت الناطق الرسمي للرومانسية الألمانية الأولى. من أهم أعمال شليغل : "رسالة إلى صديقة فرنسية" 1838، "حول أصل الهنود" 1834، "دروس في الأدب المأساوي" 1811، "تأملات في دراسة اللغات الأسيوية" 1821، "مقارنة بين راسين وأوربيدس" 1807، "حول غنى الأدب الألماني ونقاده" أميرة القلوب" 1798، "ملاحظات حول اللغة والأدب" 1825، "اللوحات الفنية" 1828. أما الكتاب الذي تطرق فيه أوغست فلهم شليغل إلى الموسيقى وعالج العديد من القضايا والمسائل المتعلقة بهذا الفن فقد جاء بعنوان "مذهب الفن" الصادر عام 1804.
النص:
يمكن القول بدايةً بأنه يمكن النظر إلى فن الموسيقى من زاويتين: إحداهما
قائمة على العودة إلى أصل هذا الفن وتتبع تطوره التدريجي. وفي هذه الحالة
سنعرف حتما كيف أنّ صوت الإنسان هو أساس الموسيقى ومنطلقها الأول؛ وعلى
هذا، فلا غرابة أن نؤكد بأنّ كل الآلات الموسيقية تم اختراعها في الأصل
بغرض مرافقة الأصوات الغنائية. ولكن، إذا تم استعمالها لغرض آخر، خارج
تغيرات مقام صوت الإنسان الطبيعي، سنضطر حتما إلى القول بأنّ هذا الإجراء
كان مجرد تضخيم تعسفي غير سليم للموسيقى بالنظر إلى تعيينها أو تحديدها
الأصيل. أما ثانيهما فيتمثل في تقسيم أجزاء الموسيقى الموجودة في صورتها
الحالية، ومن ثمة قد نحصل على نظام أو نسق ما يسمى بعلم الأصوات، الذي يجب
اعتباره في هذه الحالة مؤسسا بشكل موضوعي في الطبيعة، وهذا بالنظر إلى
مميزاته الثابتة؛ وفي هذه الحالة يجد الصوت الإنساني نفسه،من خلال الغناء،
خاضعا لهذا التشريع الخارج عنه تماما. وإذ ذاك، سيتم –بطبيعة الحال-
استبعاد قيمته الاستعمالية. هذا، وتجدر الإشارة إلى أنّ الآراء المتعارضة
الأكثر حدة الناتجة عن تباين وجهات النظر قد تم عرضها مرارا وتكرارا.
أولها، يخص الإيقاع Rythme الذي يعد بمثابة تنظيم للزمن القائم على علاقات
يمكن معاينتها. وفي هذه الحالة سيتضمن الإيقاعُ شيئين وهما: أ-المقدار
الزمني المشترك فيما يخص السلسلة الكاملة للتعاقبات. ب-تعاقب يخص المدة
الزمنية لكل إيقاع الذي يؤخذ على حدة. وفي هذه الحالة، إذا غاب أحد
العنصرين تعذر وجود الإيقاع. وفي الحالة الثانية، نكون أمام تعاقبات زمنية
متباينة بشكل لا قياسي، غير أنّ هذه التعاقبات لا تستند –بطبيعة الحال-إلى
أية قاعدة. ولكن ومع ذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن قرع الأجراس
المتكرر وفق فواصل واحدة لا يشكل سوى أساس الإيقاع لا الإيقاع نفسه. والحقُ
أنّ القدرة على فهم الإيقاع أمر مرتبط بالتأكيد بالجانب العضوي. وبهذا،
يكون بمقدور الحيوانات أيضا التعوّد على معاينة هذا الإيقاع. وليس هذا فقط،
بل لا يمكننا فهم المقدار الزمني بدقة إلا انطلاقا من نطاق ما، وفي هذه
الحالة نكون مقيدين بدرجة السرعة والبطء المرتبطين بالمقدار الحسي لحركات
أجسامنا. وبناء على هذا لن نستطيع تمييز التعاقبات السريعة بالنسبة إلينا،
وذلك لأنّ حياتنا الخاصة نفسها لا تتم وفق هذه السرعة المندفعة. ومن جهة
أخرى، ففي مجموعة قطع موسيقية راقصة بطيئة، لا تستطيع الأذنُ المدربة البت
بصورة يقينية فيما يخص تساوي الفواصل (كأن نقوم على سبيل المثال بدق على
جرس مرة واحدة في كل دقيقة) إن لم نقسمها من الناحية الفيزيائية ونحسب عدد
أجزاء كل واحد منها. هذا، ويعتقد المفكر الهولندي همشترهويس Hemsterhuys
بأنّ تمثّل المقدار الزمني قد يكون أول تمثلاتنا وأنه سابق عن الولادة لأنّ
ذلك يرجع إلى انتشار الدم بسرعة قرب الأذن. وليس من شك أنّ ملاحظته
الثاقبة صائبة حقا، وهذا بقدر ارتباطها بالجانب العضوي. يبقى أن نشير هنا
أيضا إلى أنّ عضويتنا منظمة، بصفة عامة، بحسب الوظائف اللاإرادية الضرورية
لحفظها وفق بعض الوقت، أما فيما يخص الوظائف الإرادية فبإمكاننا أن نلحظ
وجود تعاقب غير منتظم للسرعة والبطء. والحقُ أنّ الظاهرتين مجرد صورة
وتعبير عن هذه العلاقة المزدوجة المتعارضة؛ لنكتفِ هنا بالإشارة إلى أنّه
عندما يتعلق الأمر بشيء غير مستقل عنا، فإننا نخضع لتقسيم موضوعي للزمن حتى
وإن حدث ذلك في جسمنا. وبمقابل، عندما يتعلق الأمر بنشاطنا الخاص، فإننا
نحن الذين نحدّد طواعية الزمن، بحيث نسرّعه أو نوقفه، أو بعبارة أوضح
نخلقه. بعد هذا الذي ذكرناه، نمضي إلى القول بأنّ كل ما يتكرّر بانتظام في
الطبيعة، على سبيل المثال يمكن أن نشير هنا إلى أنّ حدوث النهار والليل،
الفصول، حركة الكواكب، الخ، نراه كيف يحدث بحسب مقادير زمنية. ولا يخفى أنّ
هذا هو السبب الذي جعل التحويل بالنسبة إلى المقدار الزمني على مستوى
الحركات العضوية وخفقان القلب ونبضاته، الخ.وحاصل القول في هذا الموضع هو أنّ السلسلة الإيقاعية تعبّر، أولا وقبل كل شيء، عن الحياة الحسية الخارجية. أما المقدار الزمني وتذبذبه فهو يمثّل تلك الحركة الحرة. غير أنه، وفي الوقت نفسه، فإنّ هذا المقدار الزمني المتواصل الذي يبقى مطابقا لذاته هو الذي يربط جملة التعاقبات في وحدة كلية. وبذلك فهذا المقدار الزمني يبقى ثابتا عبر التغير. والحالُ أنه عندما يتعلق الأمر بما هو مسموع فهو بذلك –من دون شك- بمثابة وعي لسلسلة الأصوات. وفي هذه الحالة، بإمكاننا القول بأنّ الوجود الإنساني برمته متميز بنوع من الثبات، وكأنّنا هنا أمام شيء لا يتغير ويعترض تلك التغيرات غير المنقطعة لحالتنا أي ما يخص وعينا لأنفسنا. وهاهنا، لا يسعنا إلا أن نشير إلى أنّ تطلعنا إلى التعبير عن طبيعتنا عبر فعل غير مشترك، الذي يحكم كل فن، أصبح-بكل تأكيد- يدفع الإنسان إلى ابتكار الإيقاع [...]
لقد سبق أن أشرنا –عندما كنا بصدد الحديث عن الموسيقى في التقسيم العام للفنون- إلى خصوصية حاسة السمع وتشابهها مع الحس الداخلي، من حيث هي تعبير عن تغيير العالم الخارجي في شكل حس داخلي. أما الإيقاع السمعي البسيط فيتمثل في تلك الأصوات المتتابعة وفق مقادير زمنية متعاقبة، على غرار ما يمكن الحصول عليه مثلا بواسطة الطبل الذي يحدث أصواتا أكثر ارتفاعا أو انخفاضا. ولكن ومع ذلك لا يمكن لمثل هذه الأصوات الإيقاعية البسيطة أن تشغل كل هذه المدة الزمنية؛ فمن المعلوم أنّ الانقطاعات هنا ضرورية لأنّ الصوت المتتابع بصورة ثابتة قد يحجب عنا رؤية التتابع . وليس من شك أنّ الأصوات الموسيقية هي وحدها التي تتميز بكونها –في الوقت نفسه- ثابتة وبإمكانية الانفصال بشكل محدّد عن بعضها البعض. وفي هذه الحالة، يمكننا تحقيق الإيقاع الكامل من خلال هذه الأصوات. يمكن القول على هذا الأساس أنّ حركات الرقص بدورها يمكن أن تكون ثابتة أيضا، ولكن ومع ذلك، يصعب التمييز بين بدايتها ونهايتها. ولهذا السبب لا يمكن للرقص التغاضي عن اصطحاب الموسيقى، ليس فقط بغرض إلزام الراقص باحترام المقدار الزمني وإنما بغرض إبرازها للمشاهد بشكل حسي بارز. والحالُ أنه كلما كان الرقص منسجما كان للحركات المصاحبة له دلالة، فتكون بذلك مختصرة أو ممددة، بحيث لا ندرك عبر تتابعها الزمني تناسقا وانتظاما، وفي هذه الحالة تكون الموسيقى ضرورية لأنّ أثناء القفز يمكن أن يشكل ظهور الرِجلين، بالنسبة للراقص أو المشاهد تقطيعا محدَّدا وبالتالي يتم استبدال الصوت المسموع بالإيقاع. بهذا يتبيّن لنا أنّ طبيعة الإيقاع ستقودنا من دون شك إلى العنصر الثاني من الموسيقى أي التنغيم؛ من هنا يمكننا القول بأنّ هذا الأخير يقوم على تغير ارتفاع وانخفاض الأصوات وفق العلاقات المحدَّدة غير الموجودة في كل الأصوات وإنما في الأصوات الموسيقية فقط. أما إذا انصب اهتمامنا الآن على الأصوات الطبيعية، التي تحدث أثناء بعض الاتصالات، فليس من شك أنّ الإنسان قد أدرك هذه الخاصية بالذات من خلال حلْقه. ولطالما ناقش الباحثون أي من هذه الاستعمالات الثلاثة طبيعي في الإنسان. ضمن هذا السياق، يعتقد البعض من هؤلاء الباحثين أنّ الغناء خاصية طبيعية في الإنسان. والحالُ أنّ هذه الدعوى لا تستند إلى الرأي القائل بأنّه يوجد في لغات الشعوب المتوحشة ما يشبه الغناء، ونوع من الخصوصية فيما يخص التغير السريع والمثير لارتفاع وانخفاض الأصوات أي تلك النبرات الحادة وهيئة الصوت في الوقت نفسه. لنلاحظ أيضا أنّ هذا التشابه مع الغناء قد استوقف انتباه البعض، إلى الحد الذي جعلهم عاجزين عن فهم طابع اللغة، بحيث بدا لهم ذلك ككلام غير مميّز. قد لا نجانب الصواب إذا قلنا بأنّ الغناء بمعناه الفني لم يكن في الأصل طبيعيا إلا لدى الخوارزميين Chorasmiens الذين–بحسب حكاية أسطورية- كانوا يتمتعون بنوع من الاستعداد أو الميل الموسيقي، ولهذا السبب كان أطفالهم يبكون منذ الصغر وفق أصوات لحنية. والحقُ أنّ الإنسان كائن قادرٌ على إصدار أصوات منذ بداية حياته. وعلى هذا الأساس بإمكاننا القول أنه يحمل معه –كما هو معلوم- صرخة إلى العالم. ومع ذلك فإنّ الكلام عنده طبيعي بمجرد أن تنمو قدراته المناسبة الخاصة بذلك. وبناء على هذا فإنّ لكل هذه الطرق أو الأنماط الثلاثة المختلفة المتعلقة باستعمال الصوت دلالة خاصة، وكلها تستند إلى الطبيعة الإنسانية. ضمن هذا السياق يمكننا القول بأنّ الإنسان يشترك مع الحيوانات في إصدار الأصوات أو الصراخ، أما الكلام فهو ما يختص به عن غيره من الحيوانات باعتباره كائنا عاقلا. وليس بخافٍ أنّ الكلام مرتبط عند الإنسان بفعل الإرادة التي تحدث عنده من دون أن تكون له صلة بالوظائف الحيوانية للجسم. أما الغناء فهو بمثابة تركيبة أو توليفة بينهما [...]
قد لا نجانب الصواب إذا قلنا: لقد نشأت الموسيقى في بداية الأمر من الغناء لأنّ الصوت كان موجودا قبل الآلات الموسيقية. ومن المسلّم به أيضا أنّ الغناء الذي كان يتم دائما بواسطة الكلمات، ولا زال الأمر كذلك إلى يومنا هذا، كان هو الأصل، ولكن بإضافة التنغيم الموسيقي، بشكل مطابق لصورته الطبيعية. ومن المعلوم أيضا أنّ تغيرات مقام الصوت المتكلم كانت في حقيقة الأمر أساس الغناء. ولكن ومع ذلك، ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بالرأي القائل بأنّ الإحساس بمعناه الضيق، أي المؤثر، هو الموضوع الوحيد للموسيقى. الحقيقةُ أنّ تغيرات مقام الصوت المتكلم قد تصل إلى ما هو أبعد من هذا الإحساس حينما تعبّر هي أيضا عن ما يُسمى ﺑ "المؤثرات الذهنية"؛ فعلى سبيل المثال يمكن أن نذكر هنا الشك والسؤال والاندهاش، الخ. وبذلك فهي تدل –بطبيعة الحال-على حالة عدم الاكتراث الفائق وكل ما يندرج بصفة عامة في معناها الداخلي. على هذا الأساس يمكن القول بأنه إذا كان هذا هو معنى الإحساس فإنه جاز لنا في هذه الحالة أن نسلّم بتحديد الموسيقى في الإحساس بالمعنى الذي أشرنا إليه. وليس من شك أنّ المعنى الداخلي يعتبر مجاله الوحيد، ومن ثمة لا يمكن أن تقدم (الموسيقى) من جديد الموضوعات إلا انطلاقا منه. والحقُ أنّ الملاحظة التي أشرنا إليها سابقا تفسر بكل تأكيد مثلا لماذا يمكن عرض حكاية ما في قالب غنائي، على غرار ما فعله القدامى بأشعارهم الملحمية، رغم أنّ موسيقاهم كانت آنذاك في بداية نشأتها. هذا مع العلم أنّه حتى في الحكاية كان للصوت نبراته التي كان يعبّر عنها الغناءُ بعد ذلك بشدة.ولطالما كان يُطلق على التعبير عن تلك المؤثرات بواسطة تغيرات مقام الصوت من خلال لغة الطبيعة في مقابل لغة التوافق والاصطلاح، التي يجب تعلمها واكتسابها لأنّ بمقدور البشر المتفاوتين من الناحية الثقافية أن يفهموا هذه اللغة، بل ومهما تباينت الأمم التي ينتسب إليها هؤلاء البشر، ومهما تباعدت أوطانهم، وحتى بالنسبة إلى الأطفال الصغار أيضا. فعلى السبيل المثال فإنّ أسلوب الفرح والابتهاج والحب والحزن والغضب لا يساء تأويلها دوما. والحقُ أننا لسنا في حاجة هنا إلى فحص كيفية حدوث هذا الأمر بشكل شامل ومفصّل. فهناك إذاً، من جهة ما يمكن أن نعتبره تعاطفا قد يحصل من خلال الإعداد لأننا نلاحظ لدى الحيوانات فهما مشابها لذلك تماما؛ ومن جهة أخرى، تبدو الأصوات الطبيعية وكأنها رموز لما تعبّر عنه، ومن ثمة سيكون تفسيرها متعلقا أيضا بالمعنى الظاهر والعام الذي يتبدى لنا فعَّالا جدا في كل مكان. لذلك فإنّ تبيان كيف تعبّر الأصوات عن الأحوال النفسية يتطلب -من دون شك- بحثا عميقا بخصوص طبيعتها والأفعال الخاصة المرتبطة بأعضاء الصوت التي تحدث الأصوات. والحالُ أننا لسنا في حاجة إلى ذلك، فيكفي أن يكون هذا الأصلُ مرئيا في الشكل المثقف في أيامنا هذه في مجال الفن. وليس من شك في أنّ نبرات الخطاب تتنوع باختلاف الأمم بحسب المناخ ومختلف التأثيرات التي تتعرض لها الصيغ الشفهية، وهذا ما سيؤثر حتما على تكوين اللغة. ومن جهة أخرى، بحسب العادات التي تنتجها البنية الخاصة للغة التي تؤثر من خلالها على الأعضاء الخاصة باللغة. وبذلك يتبيّن أنّ ما يحدّد فعلا الطابع المتفاوت أو المختلف للموسيقى بين مختلف الأمم، ليس فقط فيما يخص الألحان الشعبية، وإنما أيضا في التأليف الفني La composition artistique، وهذا الاختلاف أو التميز يمكن أن يتبدى لنا -على سبيل المثال لا الحصر- بين الموسيقى الإيطالية والفرنسية والألمانية. ولكن كيف كان ذلك ممكنا لو كانت هذه الأخيرة قائمة كلها على نظام صوتي واحد، وفي الوقت نفسه، من دون أن يكون لها علاقة مع التعبير الطبيعي المتغيّر باستمرار ؟ بوسعنا القول إنّ هناك لغات متميزة بطابع موسيقي، وهناك أيضا لغات غير متميزة بتاتا بهذا الطابع. غير أنّ السبب في ذلك لا يكمن في بكل تأكيد في سلاسة أو سهولة هذه اللغات في أداء الغناء وإنما بالأحرى في تنوع ووثوق النبرات. وبهذا، يمكننا القول بأنّه يمكننا أن نلحظ في اللغات المتميزة بالطابع الموسيقي، أي الإيطالية والإسبانية، كيف أنّ الإلقاء أو الأداء الملَّحن من المحتمل أن يكون أكثر نفعا لأنه، وبالنظر إلى شكله البسيط، ليس سوى إظهار للنبرات التعبيرية للخطاب بواسطة التنغيم المناسب ولكن بدون تقدير زمني محدَّد. لذلك فإنه بالوسع القول بأنه لا يمكن أن يكون اللحنُ جميلا إن لم يتكلم ولم يكن يعني شيئا ما. أضف إلى ذلك أنّ روح كل لحن من الألحان الموسيقية يكمن في تلك النبرة التعبيرية للأنغام مع اللحن الذي هو جزء لا يتجزأ منها.
Auguste Wilhelm Schlegel, La doctrine de l’art. Conférences sur les belles lettres et l’art. Traduit de l’allemand par Marc Géraud et Marc Jimenez , Paris, Klincksieck, 2009 , pp 197-205.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق