أعلان الهيدر

الخميس، 19 ديسمبر 2019

الرئيسية أزمة العلوم ومفارقات الحداثة بين الفلسفة الفينومينولوجية والنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت

أزمة العلوم ومفارقات الحداثة بين الفلسفة الفينومينولوجية والنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت



أزمة العلوم ومفارقات الحداثة بين الفلسفة الفينومينولوجية
والنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت



بقلم/ الأستاذ الدكتور كمال بومنير

تروم هذه المقاربةُ الفلسفية الكشف عن القرابة الفكرية الموجودة بين مفهوم الأزمة La crise كما حلّلها مؤسس الفلسفة الفينومنولوجية إدموند هوسرل (Edmond Husserl) في كتابه الموسوم ﺑ "أزمة العلوم الأوروبية والفينومينولوجيا الترنسندنتالية"، ومفهوم الأزمة كما تصوّرها أبرز ممثلي الجيل الأول لمدرسة فرانكفورت النقدية ماكس هوركهايمر (Max Horkheimer) وثيودور أدورنو (Theodor Adorno) في كتابهما المشترك "جدل التنوير". لقد بدا لي أنه رغم وجود فوارق وخلافات فلسفية ومنهجية كثيرة، لاسيما تلك المتعلقة بالمنطلقات الفلسفية وبآليات مقاربة المسائل والإشكاليات الفلسفية التي يمكن أن نجدها بين المدرستين الفينومنولوجية والنقدية، فإنهما يتفقان من دون شك حول مسألة الإقرار بوجود أزمة عميقة تعرفها العلومُ المعاصرة، والتي أصبحت تطال في نهاية الأمر العقلانية والحداثة الغربية والحضارة والإنسانية برمتها،وهذا ما
يظهر –بطبيعة الحال- عبر العديد من المستويات السياسية والاجتماعية والأخلاقية والحضارية في العالم الغربي المعاصر. ليس من شك أنّ هيمنة النزعات الوضعية والعلموية والتقنوية وفهمها لوظيفة العلم على أساس النموذج الحديث للموضوعية قد نتج عنه إقصاء لكل الأسئلة التي لها علاقة بالإنسان ودلالة ذلك بالنسبة للحياة؛ منها على وجه الخصوص: أسئلة المعنى والحرية والمصير والغاية، والحقُ أنّ هذا هو السبب الرئيسي في ظهور هذه الأزمة حسب إدموند هوسرل. أما هوركهايمر وأدورنو فقد أرجعا الأزمة أيضا إلى هيمنة الخطاب الوضعي على العقلانية الغربية عبر تصوّره الأداتي وتمجيده للمعرفة العلمية والتقنية وإعلائه لمكانتها بشكل مبالغ فيه، بحيث يمكن أن تتحوّل هذه العقلانية في آخر المطاف إلى أداة طيّعة تُستخدم لتكريس أهداف منافية للقيم الإنسانية العليا، فيغدو الوجودُ الإنساني وجودًا بدون معنى ولا قيمة ولا غاية.غير أنه، وبالرغم من هذا التوافق بين المدرستين في الإقرار بوجود أزمة عميقة تعرفها العلوم والعقلانية، فإنهما، مع ذلك، يختلفان في سُبل تجاوزها، ذلك أنه إذا كان هوسرل قد اقترح الفلسفة الفينومنولوجية حلا جذريا لأزمة العلوم والعقلانية باعتبارها" بحثٌا عن الكلية الثابتة التي يمكن أن تساعدَ على تقدم العالم وكل حقائق الوجود"،فإن هوركهايمر وأدورنو يؤكدان بأنّ تأسيس فلسفة نقدية تحرّرية يمكن أن يكون مخرجا من الأزمة التي تتخبط فيها العقلانية الغربية.
1-أزمة العلوم والتأسيس الفينومينولوجي عند هوسرل:
تطرق هوسرل إلى مسألة الأزمة في كتابه الهام "أزمة العلوم الأوروبية والفينومينولوجيا الترنسندنتالية" (سنشير إليه لاحقا بكتاب الأزمة) سنة 1936. لابد من الإشارة، هنا، أنّ السؤال الأساسي الذي طرحه المؤلف في هذا الكتاب هو: كيف يمكن أن نتكلم عن أزمة للعلوم بصورة عامة، بما فيها العلوم الرياضية والفيزيائية، التي لا نكف عن الإعجاب بها كنماذج للعلمية الصارمة والناجحة ؟ وبأي معنى يمكن الحديث عن أزمة العلوم في الوقت الذي ازدهرت فيه العلوم التجريبية، وبخاصة الفيزيائية –الرياضية التي عرفت –والحقُ يقال- تقدما كبيرا في الثلاثينات من القرن العشرين؟
إنّ التساؤل عن أزمة العلوم حسب مؤسس الفينومينولوجيا تساؤل مشروع وأساسي. وبإيجاز شديد، يمكننا القول إنّ هوسرل لا ينظر إلى هذه الأزمة نظرة ابيستمولوجية أو منهجية، حينما تعجز المعرفة العلمية عن الاستمرار في النمو وتحقيق نتائج والعطاء، أو عندما تواجه جملة من العوائق الابيستمولوجية تحول دون تقدمها، لذلك فإن هوسرل لا يشكك في علمية ومنهجية هذه العلوم، مع اعترافه طبعا ببعض الإشكاليات فيما يخص هذه العلوم بل وببعض المفارقات التي تعرفها أحيانا، وهذا ما عبّر عنه بقوله: "إنّ صرامة علمية كل هذه الفروع العلمية وبداهة إنجازاتها النظرية ونجاحاتها المقنعة باستمرار ليست موضع شك"(1). نستطيع إذن أن نقول بأن الحديث عن أزمة منهجية أو ابيستمولوجية في الحقل العلمي، وخاصة في المجال الرياضي أو الفيزيائي، في الثلاثينات من القرن العشرين أمر غير وارد ومستبعد حسب هوسرل، بل بالعكس، لقد حققت العلوم الرياضية والفيزيائية نجاحات متقدمة جدا، وهذا ما يتجلى بوضوح تام في تلك الاكتشافات العلمية الكبرى التي عرفتها تلك المرحلة الحاسمة (النظرية النسبية، نظرية الكوانتا،الخ) وذلك لأن "الفيزياء كانت دائما وستبقى علما دقيقا سواء أكانت ممثلة من قبل نيوتن أو بلانك أو أينشتاين أو أي كان في المستقبل. وهي ستبقى كذلك حتى وإن كان صحيحا أنه لا ينبغي هنا أبدا أن ننتظر بلوغ شكل أخير مطلقا لأسلوب بناء النظرية بأكملها ولا أن نطمح إليه "(2). والحقُ أنّ أزمة العلوم حسب هوسرل لا تتعلق في حقيقة الأمر بعلميتها، بل بالدلالة التي كانت تتخذها بالنسبة للوجود الإنساني كله، غير أن هذه العلوم تقصي مبدئيا تلك الأسئلة التي تعتبر هي الأسئلة الملحة بالنسبة للوجود الإنساني المعرّض - وخاصة في هذه الحقبة التاريخية الحرجة- لتحولات مصيرية: الأسئلة المتعلقة بمعنى أو مغزى الوجود الإنساني وحريته وتاريخه ومصيره وغيرها،نظرا لهيمنة المفهوم الوضعي للعلم وفهمه للمعرفة العلمية على أساس
 
النموذج العلمي الموضوعي وتخليه عن كل تلك الأسئلة التي تدرج تحت المفاهيم الضيقة تارة والواسعة تارة للميتافيزيقا، وفهمه كل الأسئلة التي تنعت في غموض بأنها " الأسئلة العليا والغايات الأخيرة Les fins ultimes "، ولا يخفى أنّ علوم الطبيعة من المنظور الوضعي لا تطرح مثل هذه الأسئلة التي تعتبرها أسئلة ذات طابع "ميتافيزيقي" وتندرج في مجال اللاعلم. وعلى هذا بإمكاننا القول، بناء على ما تقدم، إنّ هذا الموقف الوضعي قد نتج عنه أمران أساسيان: الأمر الأول، يتمثل في التأكيد على أنّ مجال اهتمام العلم أصبح منصبا على دراسة الوقائع Les faits من خلال الملاحظة والاختبار، سواء تعلق الأمر بالأجسام المادية في العلوم الطبيعية أو الحالات النفسية أو الظواهر الاجتماعية، لكن دون مراعاة خصوصيات هذه الظواهر وتميزها بالمقارنة مع المادة الجامدة أو الحية التي هي موضوع علوم الطبيعية (الفيزيائية والبيولوجية). والحقُ أنّ مؤدى هذا التوصيف أن تصبح الحقيقةُ العلمية- من وجهة نظر النزعة الوضعية- مجرد تسجيل لما هو العالَم، سواء العالم الطبيعي أو الروحي، في الواقع. لكن هل يمكن في الحقيقة أن يكون للعالَم وللوجود البشري فيه معنى إذا كانت العلوم لا تعتبر حقيقيا إلا ما يقبل الملاحظة الموضوعية بهذه الكيفية(3). أما الأمر الثاني فهو متعلق بمفهوم الذات أو الذاتية، وذلك أنّ القول بضرورة الاكتفاء بدراسة الوقائع من خلال المعاينة والملاحظة والتجريب أدى إلى إغفال مكانة وأهمية الذاتية، ولهذا استبدلت النزعة الوضعية مفهوم الذاتية بمفهوم الموضوعية، لأن الموضوعات والتركيبات العلمية –في نظرها- مستقلة عن كل إنجاز للذات وعن عالم الحياة Lebenswelt وعن حياة الوعي من حيث هو حياة قصدية بل ومرتبط أيضا بانجازات الذات أو العالم كما هو معطى في حياتنا اليومية الذي تبدو لنا فيه الأشياء والموضوعات بكيفية ذاتية قبل كل إنجاز علمي أو معرفي، لذلك يؤكد هوسرل على مفهوم الذاتية وأهميتها لما لها من دور في فهم معنى العالَم، بل وفي فهم الحقيقة الموضوعية نفسها فهو يقول ضمن هذا السياق:"لا يمكنُ فهم الحقيقة الموضوعية وبلوغ المعنى الأخير لوجود العالم إلا عن طريق تساؤل ارتدادي جذري يعود إلى الذاتية، وبالضبط إلى الذاتية التي تنشئ في الأخير كل صلاحية العالم مع مضمونها في كل الكيفيات قبل العلمية والعلمية، وكذلك إلى ماهية وكيفية إنجازات العقل. وهكذا فليس وجود العالم في تلقائيته التي لا يُسأل عنها هو الأول في ذاته، وليس السؤال عما ينتمي إليه موضوعيا هو ما ينبغي طرحه، بل إنّ الأول في ذاته هو الذاتية، وبالضبط من حيث إنها ما يعطى مسبقا وبسذاجة وجود العالم ثم بعد ذلك يعقلنه أو، وهو ما يعني الشيء نفسه،يموضعه(4).
ليس من شك أنّ الأزمة الحالية مرتبطة أساسا بالنزعة الموضوعية Objectivisme التي تفصل المعرفة العلمية عن مجال البحث في المعنى والغايات والمصير الإنساني، وبالتالي فإنّ الأزمة في عمقها وجذورها أزمة معنى La crise du sens وأزمة عقلانية تجتازها الإنسانية اليوم، وهي ناتجة -كما قلنا سابقا- عن سيطرة النزعة الوضعية وتصورها الاختزالي للمعرفة العلمية. يقول هوسرل: "أنا متأكد من أنّ الأزمة الأوربية لها جذورها في نزعة عقلانية ضالة. غير أنّ هذا لا يمكن أن يدفعنا إلى القول بأنّ العقلانية بما هي كذلك شر كله أو أنّ أهميتها ثانوية بالنسبة للوجود الإنساني برمته "(5). بهذا المنظور تصبح الأزمة الحقيقية عند هوسرل هي أزمة عقلانية التي تتخبط فيها الإنسانية، وخاصة في فترة الثلاثينات كما أشرنا إلى ذلك من قبل، وهي الأزمة التي اتخذت أيضا طابعا سياسيا وأخلاقيا ضمن سياق تاريخي إثر صعود النظم الشمولية كالستالينية والفاشية والنازية، التي سخرّت المعارفَ العلمية والتكنولوجية قصد تحقيق الهيمنة والتحكم في الأفراد و الشعوب وما نجم عن ذلك من تهديد الإنسانية برمتها بالفناء (الحروب المدمرة للجنس البشري،الصراعات الإيديولوجية، الخ.). ولعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أنّ هوسرل كان قد ردَّ الأزمة الأخلاقية والسياسية إلى أزمة أعمق وأكثر جذرية (راديكالية) تتمثل- كما أشرنا إلى ذلك- إلى أزمة العقلانية نفسها، لذلك فإنّ أزمة المعنى هي في جوهرها وعمقها أزمة هذه العقلانية نفسها. هكذا أمكن أن تتضح الأزمة "كفشل ظاهري للعقلانية، لكن بسبب فشل ثقافة عقلية لا يكمن في ماهية العقلانية ذاتها، بل فقط في اتخاذها طابعا خارجيا سطحيا في تعلقها بالنزعة «الطبيعية" والنزعة "الموضوعية"(6)..وعلى ضوء هذه المقاربة تصبح الأزمة تطال العقلانية في مرحلة تاريخية حينما ترتبط بالنزعة الوضعية وخطابها الاختزالي الذي يوجه المعرفة نحو التحكم في الطبيعة، وبذلك أصبحت هذه العقلانية ضحية هيمنة هذه النزعة. لكن ما المخرج من هذه أزمة العقلانية التي تجتازها الإنسانية اليوم؟

وفي هذا المضمار يقترحُ هوسرل حلا جذريا لهذه الأزمة، فلا يمكن أن تصبح العلوم علوما بحق إلا في الوحدة المنظمة للفلسفة الفينومنولوجية باعتبارها علما دقيقا وكليا. إنّ إقامة علم كلي أي الفينومنولوجيا تقوم على قاعدته كل المعارف والعلوم، من خلال التأسيس الجديد، وعلى قواعد مبادئ يقينية، يمكن أن يضمن الخروج من الأزمة،ومن هيمنة النزعة الوضعية. يقول هوسرل ضمن هذا السياق:"ليس لأزمة الوجود الأوربي سوى مخرجين: أفولُ أوربا في اغترابها عن المعنى العقلي لحياتها والسقوط في عداء الروح وفي البربرية، أو انبعاث أوربا انطلاقا من روح الفلسفة بفضل بطولية للعقل تتخطى النزعة الطبيعية نهائيا"(7).ضمن هذا السياق يبرز في رأينا سؤال هام: هل كان طرح مفهوم الأزمة ونقد العقلانية عند هوسرل متقاربا أو متقاطعا مع طرح مفكري مدرسة فرانكفورت ؟
2-أزمة العقلانية والحداثة وتهافت الخطاب الوضعي:
حاول هوركهايمر بالاشتراك مع أدورنو تشخيص أزمة العقل أو العقلانية ورصد أعراض هذه الأزمة وتحليلها. ولهذا يدعونا هوركهايمر وأدورنو عبر كتابهما "جدل التـنوير"، وهو أحد الكتب الأساسية في النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت، إلى الوقوف على الأزمة التي أصبحت تعرفها الحضارة الغـربية منذ بدايتها الأولى، ومن مظاهر هذه الأزمة التي عرفتها هذه الحضـارة ما يمكن أن نسميه جدلية التنوير والأسطورة أو العقل واللاعقل، فالعقل الذي رفض الأسطورة وعمل على اجتثاث أسسها وبنيتها وكان ضدًا لها على تحرير الإنسان من الخوف والخرافة ومساعدته على بلوغ الرشد وجعله سيدا على الطبيعة ومركزا للكون، فقَد قداستَه وأصبح مادةً قابلةً للتكميم والقياس، يمكن التحكم فيه علميًا وتقنيًا، وقد ترتّب عن ذلك- حسب هوركهايمر وأدورنو- أن اللحظتين الأساسيتين في تكوين ميراث العقلانية أو الحداثة الغربية وهما: قيمة ومكانة الشخص المستقل بذاته والحر ونزع الطابع السحري عن العالم أصبح من المستحيل الجمع بينهما في وحدة متكاملة، وأن وعود التنوير بتحرير الإنسان من جميع السلطات المتحكمة فيه والمهيمنة عليه لم يعد من الممكن تحقيقه في ظل العقلانية التي اتخذت اليوم طابعا أداتيا(8) وبهذا المعنى ارتد العقل وحطم نفسه وانتهى إلى التحول إلى الأسطورة أي اللاعقل، وهذا ما يؤكده هوركهايمر و أدورنو بقولهما: كما أن الأساطير قد أكملت التنوير، فإن هذا التنوير قد ارتبك أكثر فأكثر في الأساطير.استقى التنوير جوهر مادته من الأساطير مع أنه كان يريد القضاء عليها، وحين مارس وظيفة الحكم ظل واقعا أسير سحرها. زعم الخروج من السيرورة التي تورط القدر وذلك عبر ممارسة الثأر على هذه السيرورة بالذات(9). تبدو الأزمةُ في جدل من التنوير خلال هذا التشخيص عميقة، وذلك أنّ أو التنوير العقلانية نفسها تتحول إلى أسطورة تنتهي في آخر المطاف إلى الهيمنة المزدوجة على الطبيعة الخارجية والطبيعة الداخلية (الإنسان). من خلال تشغيل العقل يبتعد الناس عن الطبيعة ليجعلوها إذا صح القول أمام أنظارهم ليروا في نهاية الأمر كيفية السيطرة عليها، بما يشبه الشيء أو بما يشبه الأداة، ويبقى في شتى الظروف هو نفسه قاسما العالم، المعقد والمختلف وما هو معروف وواحد ومتماه، كذلك هو المفهوم الأداة (..)، فالعقل ليس عقلا فقط، إنّه الطبيعة وقد صارت معقولة في غربتها عن ذاتها. في المعرفة التي يدركها العقل من ذاته كطبيعة منقسمة، الطبيعة التي تشير إلى نفسها كما في ما قبل التاريخ. إنّ علاقة الاستقلال عن الطبيعة هو السيطرة عليها، دون ذلك لا وجود للعقل(10). ويقتضي هذا السياق الإشارة إلى أنّ هوركهايمر وأدورنو يعتقدان أنّ مسار العقلنية كان خاطئا بل مثل انحرافا خطيرا في سيرورة الحضارة الغربية التي لازمتها منذ نشأتها إلى غاية ما آلت إليه من بربرية في القرن العشرين، وبذلك فهي تتفق مع نقد هوسرل للعقلانية الغربية، كما أشرنا إلى ذلك من قبل. كما تبين لنا أيضا قرابة فكرية شديدة بين هذا الأخير ومفكري مدرسة فرانكفورت فيما يخص المتهم الرئيسي في إحداث هذه الأزمة أي النزعة الوضعية عن طريق تصورها الأداتي للعقل وتمجيدها للطابع التقني- العلمي الذي أدى في آخر المطاف إلى التشيؤ والأداتية والسيطرة. وعلى هذا الأساس اختزلت النزعة الوضعية العقل وحدّدت دوره أو وظيفته فيما يلي:

1. معرفة ما هو معطى بوصفه كذلك، ولهذا نادت بالوقـوف عند حد الملاحظة والتجريب وتصنيف الوقائع وفق مقولات كميّة وصور منطقية قصد الوصول إلى صياغة القوانين العلمية ثم التنبؤ بوقوع الظواهر حتى يتم التحكم فيها.
2. اعتبار الرياضيات آلة أو جهاز مفاهيمي أو نسق يفسر ما هو معطى، إلى درجة أن كل ما لا يتطابق مع معايير الحساب والتكميم والتقنين أمر مشبوه من جانب التنوير في صيغته المتطرفة، ولهذا تم استبعاد أو إقصاء القيم الدينية والجمالية والأخلاقية والفلسفية التي اعُتبرت- وفق المنظور الوضعي- ميتافيزيقية،لا علاقة لها بالمعرفة العلمية و التقنية، أفضت في آخر المطاف إلى إقصاء المفاهيم الإنسانية الكبرى والغايات الجوهرية كمعنى وحقيقة الوجود الإنساني والحرية والمصير والتاريخ، وهذا ما يؤكد لنا وجود تقارب وثيق -كما قلنا سابقا- بين النقد الذي وجهه مفكرو مدرسة فرانكفورت للنزعة الوضعية والنقد الذي وجهه هوسرل أيضا لهذه النزعة.وهكذا تم تقديم العقل الأداتي (التقني) وكأنه النموذجُ الأوحد للمعرفة أو الحقيقة التي يمكن الوصول إليها. وبذلك، يمكننا القول – ضمن هذا السياق- إنّ جوهر الأزمة يتمثل في تشويه عميق تعرضت له العقلانية، بحيث حادت عن مسارها وانحرفت عن غايتها الأساسية التحررية – بتأثير النزعة الوضعية- فتحولت إلى أداة طيعة تستخدمها المؤسسات السياسية لتكريس السيطرة والهيمنة. في إطار هذا التصور الاختزالي ترفض النزعة الوضعية النشاط الفلسفي التأملي، وذلك لأنها تعتبر العقل مجرد قدرة ذهنية، بل إن العقل نفسه اتخذ في المجتمعات المعاصرة طابعا أداتيا(11) من الواضح إذن أنّ العقل يأخذ طابعا أداتيا، بحيث يصبح ملتزما وموجها نحو تحقيق الفعالية والنجاعة في الواقع الملموس، ولا يصح أن يخرج عن ذلك،غير أن ما يحذّر منه هوركهايمر وأدورنو هو أن يختزل العقل إلى هذا الطابع الأداتي ليتم تحويله إلى مجرد "آلة" تخدم تطلعات الذات ورغباتها في السيطرة، من خلال توجيهه نحو مجال المعرفة العملية، لذلك يتبرم فلاسفة من العقل "الذاتي" الذي يخدم تطلعات الذات منذ عصر النهضة، والعقل يوفر له شروط هذه المحافظة وإمكانيات تحقيق أهدافـه الخاصة. وبذلك يسود منطق المنفعة وما هو قابل للاستعمال وتتعرى المفاهيم من كثافتها الوجودية وتتحول إلى مجرد عناصر داخل سلسلة من العمليات الرمزية. ينتج عن كل هذا أن العقل يفقد دوره كوسيلة للمعرفة ليصير مجرد أداة للتغيير خاضعة لما تقتضيه ظروف التوازن والنظام وبذلك ينخرط العقل في سيرورة الإنتاج ويصبح الفكر خاضعا لمعايير الصناعة ويخضع العقل للفاعلية، والمعرفة هنا ذات جوهر تقني ولا تسعى لخلق مفاهيم وصور لتوفير متعة السعادة في المعرفة بقدر ما تروم استغلال عمل الآخرين(12) وبهذا المعنى تكون الوظيفة الجوهرية للعقل - كما قلنا سابقا – هي تحقيق المنفعة ليس إلا، وهي الفكرة التي تبنتها الوضعية ودافعت عنها من بعد، وخاصة في نظرتها إلى دور العلوم الطبيعية والتجريبية.
معلومٌ أنّ النزعة الوضعية كانت قد اعتبرت الطبيعةَ مادة استعمالية يتم توظيفُها في خدمة أهداف الإنسان العملية قصد تحقيق مصالحه ومنافعه المادية، ولهذا السبب"لم تعد الطبيعةُ ذلكم الديكور الجمـيل الذي يدخل البهجة في النفوس، بغض النظر عن فائدته، بل أصبحت علاقة الإنسان بالطبيعة علاقة نفعية، استخدامية، وسائلية وأداتية، حوّلت كل جمالات الطبيعة إلى أشياء قابلة للاستخدام والانتفاع"(13).ضمن هذا السياق يصبح الإنسان نفسه مجرد جزء أو عنصر من الطبيعة، فهو يخضع للتقنين والتنظيم والتوجيه مثل الطبيعة، ولهذا يمكننا القول بأنه أصبح مستوعبا في كلية النظام الطبيعي والاجتماعي أيضا، باعتباره شيئا ثابتا، ولهذا يتم فرض المقولات الكميـة على السلوك الإنساني وإخضاعه للقوانين الرياضية والقواعد القياسية حتى يتم التحكم فيه تحكما تاما وشاملا، وفي هذه الحالة يكون فاقدا لحريته التي طالما أكدّها المفكرون التنوريون (كانط، هيوم، الخ..) باعتبارها مطلبا إنسانيا أساسيا. وهذا يتنافى بالتأكيد مع تلك القيم والمفاهيم الإنسانية التي جعلت منها العقلانية التنويرية في القرن الثامن عشر-أي حينما تبلور المشروع الأنواري- مرتكزات أساسية لبناء حضارة إنسانية خالية من القهر الظلم والسيطرة.
لا شك أنّ إخضاع كل شيء (الطبيعة والإنسان) للتجريب والتكميم الرياضي كما دعت إلى ذلك الفلسفة الوضعية جعل هذه العقلانية عاجزة تماما عن إدراك العمليات الاجتماعية والإنسانية في سياقها الشامل الذي يتخطى حدوده المباشرة، بل أصبحت عاجزة تماما عن إدراك غائيات نهائية أو كليات متجاوزة للمعطيات الجزئية الحسية والمعطيات المادية الآنية، وبالتالي لا يمكن تحقيق أي تجاوز معرفي أو أخلاقي، لهذا السبب نفسه تصبح العـقلانية الأداتيـة غير قادرة على تجاوز الحاضر للوصول إلى الماضي وإلى استشراف المستقبل أي أن هذه العقلانية تسقط تماما في اللازمنية واللاتاريخية(14).
ويمكننا القول، اعتمادًا على ما سبق، إنه بقدر ما تنمو المعرفةُ العلميةُ -التي أخذت طابعا أداتيا- بقدر ما يجد الإنسان أن آفاق حريته وسعادته تتقلص وكذلك استقلاله الذاتي باعتباره فردا، بل إن قدرته على التخيل والحكم المستقل يتناقص أيضا (15)، والمفارقة هنا أنّ العقل هو الذي مكّن الإنسان من أن تكون لديه إمكانية التحرّر والإنعتاق من مختلف أشكال القهر والهيمنة التي عرفها في الماضي،فالعقل يفترض الحرية لأنّ العقل يعني القدرة على التوجّه بالذات نحو تقرير حياتنا الخاصة.والحرية، من جهة أخرى، تفترض العقل، لأننا لا نستطيع أن نقرر ما الذي يمكن أن تكون عليه الحياة الأفضل والأكثر انعتاقا إلا من خلال إعمال العقل(16). لذلك يتوجب، حسب هوركهايمر وأدورنو، طرح السؤال الأساسي التالي: كيف للعقل، الذي ينطوي على قوة تحررية فعّالة، والذي صاغ بموجبه فلاسفة التنوير المفاهيم والقيم الإنسانية الكبرى-أي الحرية، العدالة، التقدم الإنساني- كيف له أن ينقلب إلى نقيضه، أي إلى قوة ارتكاسية، واتجه نحو ممارسة القمع والهيمنة، وبذلك تحوّل إلى أداة هائلة في السيطرة على الطبيعة وعلى الإنسان نفسه ؟ لهذا السبب انشغلت النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت كثيرا بمصير الإنسان الغربي المعاصر الذي تقلصت مساحات حريته كما قلنا، وذلك على الرغم أنه يعيش اليوم في مجتمعات جعلت الحرية والسعادة والـتقدم شعارا لها، غير أنّ في حقيقة الأمر هناك قهر يمارس عليه بصور أشكال مختلفة داخل المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية، وفي مقدمتها مؤسسة الدولة التي أصبحت في زماننا هذا تستند في نشاطاتها ووظائفها إلى المعرفة العلمية والتقنية وإلى الخبراء المختصين في مختلف المجالات، ولهذا استطاعت الدولة أن" تتحول إلى نظام شامل للقمـع والقوة والسيطرة، فعرضت الإنسان إلى لأشكال مختلفة من القهر الظاهر والباطن، والقمع الواعي وغير الواعي الذي ينطلق من أجهزة الإنتاج الضخمة، والمؤسسات الإدارية والبيروقراطية والاستهلاكية والإعلامية التي تشبه آلات هائلة يحاول الناس أن يكيفوا أنفسهم مع ضغوطها ومطالبها"(17)، وقد بلغت في ذلك حدودها القصوى حسب مفكري مدرسة فرانكـفورت في النظم الشمولية أو التوتاليتارية التي بلغت أوجّها بعد صعود النازية وما حل بأوربا في تلك الفترة التاريخية المأساوية من تاريخ الحضارة الغربية وما عرفته من وحشية وبربرية، فتحول التقدم إلى انتكاسة وتراجع خطير أصبح يهدد مصير الإنسانية نفسها لأن هذه الوحشية أو البربرية التي تجلت في مأساة الحرب العالمية الثانية، وما خلفته هذه الحرب من ضحايا لم تكن تُمارس بوسائل تقليدية وإنما استندت بالأحرى على العقلانية العلمية والتكنولوجية المتاحة في تلك الفترة التاريخية، ويظهر ذلك في طبيعة الأسلحة والعتاد والوسائل الحربية التي استخدمت من طرف الدول المتحاربة، وخاصة ألمانيا والولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي، أي تلك الدول المتقدمة تكنولوجيا. تكمن أزمة العقلانية إذاً –حسب هوركهايمر وأدورنو- في تحولها إلى أداة سيطرة ونزوعها الشمولي نحو الهيمنة الكلية والتي أفضت في نهاية المطاف إلى البربرية التي دمرت الحضارة الإنسانية، وتعبّر الحرب العالمية الأولى ثم الثانية، الكارثة الإنسانية، نزوع هذه العقلانية نحو تدمير ذاتها وإلى أفولها، وهذا ما عبّر عنه هوسرل في كتاب الأزمة بالسقوط "في عداء الروح وفي البربرية".
لكن كيف يمكن تجاوز هذه الأزمة – حسب هوركهايمر وأدورنو- في الوقت الذي يتحدثان فيه عن تحوّل العقلانية نفسها إلى قوة ارتكاسية ونزعة للسيطرة ؟
هاهنا يمكن أن نلاحظ أنّ هوركهايمر وأدورنو لا يتخليان عن العقلانية وإنما يدعوان إلى شكلٍ جديدٍ من العقلانية (النقدية) التي لا تختزل في الطابع الأداتي. والحقُ إنّ هذه العقلانية تقوم في الأساس على جعل النقد الأسلوب الرئيسي في النظر إلى الأشياء والمواقف والأفكار، ولهذا فهي لا تُختزل في الجانب المعرفي المجرد وإنما تتوجه أيضا إلى الواقع الاجتماعي الملموس قصد الكشف عن فظاعات العقلانية الأداتية في هذا الواقع، وبهذا فإنّ هذا النقد الاجتماعي قريب من المعنى الذي مارسه كارل ماركس بغرض تغيير الواقع الاجتـماعي الذي يصير معه أكثر حرية وأرقى إنسانية، أي النقد الذي يرتبط بالممارسة، لأنه لا معنى لنقد منفصل عن الواقع الملموس. يتعين التنبيه في هذا السياق إلى أنّ "نقد العقل الأنواري وكشف المظاهر البربرية للعقلانية وإدانة سيطرة الدولة الحديثة في أشكالها القهرية، فعل ضروري لإعادة تنشيط السلب في الفكر وتجديد القوة النقدية للفلسفة"(18). وضمن هذا المنظور، يمكن أن نشير إلى أنّ العقلانية النقدية- بحسب هوركهايمر وأدورنو- قادرة على تجاوز الوضع القائم على السيطرة، لذا فهي لا تخضع لما هو قائم وتقبله وإنما يمكن أن تقوم بجهد نقـدي تجاه الأفكار والمؤسسات السائدة والمهيمنة، وبالتالي تتحقق عملية التحرر الإنساني ويتم تجاوز الاغتراب والتشيؤ La réification، وباختصار شديد يمكن تحقيق خلاص الإنسان من خلال العقلانية النقدية، لأنّ هذه العقلانية تعبّر بالمعنى العريض عن "فكرة التقدم، وهدفها تحرير الإنسان من الخوف وجعله سيدا "(19).
ها هنا يتبيّن لنا الفرقُ واضحًا بين تصوّر هوركهايمر وأدورنو لطبيعة الفعل الفلسفي المؤهل لتجاوز أزمة العقلانية وتصوّر هوسرل. إنّ هذا الأخير يعتقد أنّ الفلسفة الفينومنولوجية يمكن أن تكون حلا للأزمة التي تتخبط فيها الإنسانية اليوم، لذلك كان من الواجب أن تتجه الفلسفة نحو أفق تصبح فيه علما كليا وبنائها على أسس جديدة تتجاوز فيه بذلك الخطاب الوضعي الذي اختزل المعرفة إلى علم الوقائع ونسي عالمَ الحياة اليومية باعتباره أفقا لكل ممارستنا وسلوكياتنا. إنّ تدشين هذه الفلسفة الجديدة هو "تدشين للبشرية الحديثة، وبالضبط كبشرية تريد، بالمقارنة مع البشرية كما كانت في ذلك، مع البشرية الوسيطة والقديمة، أن تتجدد جذريا من خلال فلسفتها الجديدة، ومن خلالها فقط "(20). لذلك لا سبيل لتجاوز الأزمة الحالية -حسب هوسرل- إلا عن طريق الفينومنولوجيا.والحقيقة أنّ الاختلاف الجوهري بين هذا الأخير وهوركهايمر وأدورنو يكمن في هذه النقطة على وجه التحديد،فلم يكتف هذان المفكران بالتبشير بفلسفة نظرية جديدة وإنما حاولا ربطها بالممارسة التي تهدف إلى تغيير الوضع القائم وتحريره من أشكال السيطرة السائدة فيه. إنّ الحديث عن فلسفة منفصلة عن الممارسة –حسب هوركهايمر وأدورنو- يُعد نوعا من العبث والوهم الذي لا يمكن أن يغير مجرى التاريخ. يقول هوركهايمر في كتابه النظرية التقليدية و النظرية النقدية:فالنزوع إلى وضع اجتماعي خالٍ من الاستغلال والقهر، حيث يمكننا أن نجد ذاتاً أوسع من الفرد: أي الإنسانية الواعية بذاتها، وبذلك نستطيع أن نتحدث عن فكر قادر على تجاوز المستوى وليس ذلك تحقيقا له بعد. بالتأكيد، إنّ تبليغا صارما قدر الإمكان للنظرية النقدية شرط ضروري لنجاحها في التاريخ، لكنه لا يستند إلى قاعدة متينة لبراكسيس جد متمرس وسلوكيات محدّدة، وإنما هي بالأحرى مضمونة بمصلحة الناس في تغيير المجتمع(21).
وعلى الإجمال، يمكن القول إنّه يوجد تقاربٌ بين هوسرل و مفكري مدرسة فرانكفورت فيما يخص تشخيص مظاهر الأزمة التي تتخبط فيها الإنسانية اليوم، غير أنهما يختلفان في كيفية الخروج منها وتجاوزها. فبقيام الفلسفة الفينومنولوجية ورد الاعتبار لعالم الحياة الذي تم نسيانه من قِبل العلوم الوضعية -حسب هوسرل- يتم هذا التجاوز، في حين أن الخروجَ من الأزمة في نظر هوركهايمر وأدورنو مشروط بقيام فلسفة نقدية اجتماعية تأخذ بعين الاعتبار الممارسة وتؤكد أهمية ربط الجانب النظري بالواقع العملي، من خلال التوجه إلى تغيير الوضع القائم، وعدم الاكتفاء بالجانب المعرفي أو النظري الخالص، لذلك، لا يوافق مفكرو مدرسة فرانكفورت مؤسس الفلسفة الفينومنولوجية على توجهه "النظري الخالص" الذي يبقى عاجزا عن إيجاد مخرج حقيقي للأزمة القائمة.

الهوامش:
( ) إدموند هوسرل، أزمة العلوم الأوروبية و الفنومنولوجيا الترنسندنتالية. ترجمة إسماعيل مصدق، بيروت، المنظمة العربية للترجمة،2008،ص 43.
(2) المصدر نفسه، ص42.
(3) إدموند هوسرل، أزمة العلوم الأوروبية و الفينومنولوجيا الترنسندنتالية، ص45.
(4) المصدر نفسه، ص 131.
(5) Edmund Husserl. La crise de l’humanité européenne et la philosophie. Traduction par Nathalie Depraz, Paris, 2008, P 81.
(6) إدموند هوسرل، أزمة العلوم الأوروبية و الفنومنولوجيا الترنسندنتالية. ص 558.
(7)المصدر نفسه، ص559.

(8)Seyla Benhabib. « Renverser la dialectique de la raison: Le réenchantement du monde »in où en est la théorie critique ? Sous la (dir) Emmanuel Renault et Yves Sintomer, Paris. Editions La découverte 2003, p 79.
(9) ماكس هوركهايمر وثيودور أدورنو. جدل التنوير. ترجمة: جورج كتورة بيروت، دار الكتاب
الجديد المتحدة 2006، ص32.
(10) المصدر نفسه،ص 62.
(11) Rolf Wiggershaus, l’Ecole de Francfort, histoire, développement, signification. Traduit de l’allemand par Lilyane Deroche Gurcel, Paris, PUF, 1993,p 332.
(12) نور الدين أفاية، الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة.الدار البيضاء، دار إفريقيا للنشر، 1998، ص 31.
(13) محمد سبيلا، الحداثة وما بعد الحداثة. الدار البيضاء، دار توبقال للنشر، 2000، ص65.
(14) عبد الوهاب المسيري، الفلسفة المادية و تفكيك الإنسان، بيروت:دار الفكر،2003، ص 91.
(15)Horkheimer (Max), Eclipse de la Raison. Trad. Jacques Debousy , Paris, éditions Payot, 1974,p10.
(16) آلن هاو، النظرية النقدية (مدرسة فرانكفورت). ترجمة ثائر ديب، القاهرة، المركز القومي للترجمة،2010،ص24.
(17) عبد الغفار مكاوي " النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت " حوليات كلية الآداب، الكويت، السنة 1992 العدد 13، ص 18.
(18) نور الدين أفاية. الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة، ص 33.
(19) ماكس هوركهايمر وثيودور أدورنو. جدل التنوير، ص 23.
(20) إدموند هوسرل، أزمة العلوم الأوروبية والفينومنولوجيا الترنسندنتالية. ص53.

(21) Max Horkheimer, Théorie traditionnelle et théorie critique. Traduit de l’allemand par Claude Maillard et Sibylle Muller. Paris, Gallimard 1974, p 79.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.