النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت
يعتبر هذا الكتاب محاولة للإسهام في التعريف بإحدى أبرز المدارس الفلسفية الغربية المعاصرة، ألا وهي مدرسة فرانكـفورت أو النظرية النقدية لمدرسة فرانكفـورت، التي اكتست اليوم أهمية بالغة نظرا لغنى وتنوع كـتاباتها المنفتحة على مختلف المرجعيات الفلسفية الكبرى ( الكانطية، الهيغيلية، الماركسية، الفرويدية، الخ ) ومواكبتها للإشكاليات المعقدة المطروحة في المجتـمعات المعاصرة، وللتحـولات الفـكرية والاجتـماعية والسياسية لعالمنا المعاصر. ولعّل أهم ما يميز هذه المدرسة الفلسفية يتحدد في كونها اتخذت النـقد منهجـا، وحاولت القيام بممارسة نقـدية جذرية للحضـارة الغربـية قصد إعادة النظر في أسسها ونتائجها في ضوء التحولات الأساسية الكبرى التي أفرزتها الحداثة الغربية، وخاصة منذ الأنوار، التي تعتبر نقطة تحوّل جوهرية في مسار هذه الحـداثـة، كما أنها لعبت دورا هاما في رصـد مختـلف الأعراض الباثولوجيـة (المرضية) التي عرفتها المجتمعات الغربية المعاصرة كالتشيؤ والاغتراب وضياع مكانة الفرد وأزمة المعنى وغيرها، مما حدا بالنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت بتوجيه انتقادات جذرية وعميقة للمفاهيم والقيم التي تأسست عليها هذه المجتمعات كالعقلانية والحرية والـتقدم العلمي والتقـني وما ارتبط بها من نزعات وضعية وعلموية وتقنو-علموية، وغيرها من النـزعات التي عملت على الحفاظ على الوضع القائـم والمصالح المهيمنة فيه، ولهذا قدّم مفكرو مدرسة فرانكفورت تحليلا نقديا للمجتمعات المتقدمة تكنولوجيا ولأسسها الإيديولوجية قصد الكشف عن الآليات الفكرية والسياسية التي تتحكم وتوجه هذه المجتمعات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق