الجمال الحقيقي
تأليف: فريدريش شيلنغ
ترجمة وتقديم: كمال بومنير
فريدريش شيلنغ Friedrich Schelling فيلسوف ألماني، وُلد عام 1775 وتوفي في 1854.يُعد أحد أقطاب المثالية الألمانية. ولا يخفى أنّ أفكاره وآراءه الفلسفية تقاطعت أيضا مع العديد من الأطروحات والرؤى التي تبنتها الرومانسية الألمانية الأولى Die Frühromantik .واللافت للنظر أنّ شيلنغ قد أقام نسقَه الفلسفي على فكرة التوفيق بين الطبيعة والروح من حيث تمثيلهما للمطلق بغية الوصول إلى ما يُسمى ﺒ "فلسفة الهوية" وفق مسار فكري يتحدّد بمراحل فلسفية طبيعية وروحية وعقلية ودينية (فلسفة الأساطير والوحي) وجمالية. من أهم مؤلفات شيلنغ "الأنا كمبدأ للفلسفة" 1795،"رسائل حول الوثوقية والنقدية" 1796، "أفكار من أجل فلسفة الطبيعة"1797،"حول روح العالم" 1798، "نسق المثالية المتعالية" 1800، "الفلسفة والدين" 1804،"مباحث فلسفية حول ماهية الحرية الإنسانية وموضوعات أخرى مرتبطة بها" 1809،"أبحاث حول الحرية الإنسانية" 1809، "فلسفة الأسطورة" 1842، "فلسفة الوحي"1856. أما الأعمال الفلسفية التي تضمنت آراءه الفنية والجمالية، فقد جاءت بعنوان "فلسفة الفن" 1802، و"نصوص استيطيقية" 1804.
النص:
ألكسندر: هل تعتقد يا أنسلم أنّ الجمالَ الحقيقي كمالٌ وأنّ غيابَ هذا الجمال نقصٌ ؟
أنسلم: إذن، أنت تتفق معي في القول بأنّ الجمالَ لا يظهر
عبر الزمن، وبالمقابل أنّ الشيء غير المتسم بالطابع الزمني لا يمكن
اعتباره جميلاً.
ألكسندر: وفق هذه الرؤية يبدو أننا كنا جد مخطئين حينما، وبدون تروٍ، اعتبرنا بعض الأشياء جميلة، سواء أكانت في الطبيعة أو في الفن.
أنسلم: بطبيعة الحال لا أنكرُ وجودَ الجمالَ بصفةٍ عامةٍ، ولكنني أنكر وجودَه الزمني. وبإمكاني أن أرد عليك -فيما يخص هذه النقطة بالذات- أنّه ليس لحديث العهد معرفة بالأسرار، حينما يدرك الجمال الحسي الذي هو –والحق يقال- مشتقٌ من الجمال في ذاته، ومع ذلك لا يلقى التأثير الذي يسمح له بتمثّل هذا الجمال. ولكن، وبالنسبة لحديث العهد بالتعرّف على الجمال،سيدرك-بطبيعة الحال- وجها رائع الجمال، من حيث هو محاكاة للجمال، أو بالأحرى للنموذج غير المادي. حينئذ ستنتابه حيرةٌ ويُصاب بالذهول والهلع أو الذعر. ربما أجد لزاما عليّ أن أشير هنا إلى أنّ من أدرك الجمال في ذاته سيتعوّد بكل تأكيد على رؤية النموذج من خلال النسخة الناقصة من دون أن يضطرب أمام قوة الأشياء التي تفرضها على الطبيعة المعاندة، ولكن بحب كل ما يذكره بالبهجة التي كان يحققها من خلال التأمل. فمن المعلوم أنّ كل ما يعارض نموذج الجمال يمكن فهمه عبر المبدأ الطبيعي لما هو مطابق له. علما أنّ أساس هذا الأخير يكمن في الطبيعة المثلى نفسها بل وفي الوحدة التي يجب وضعها بين الطبيعة المنتجة والطبيعة النموذجية التي تتجلى عبرها لأنّ الجمال يبرز في الطبيعة، ولا يمكن أن يبرز إلا من حيث هو موجود. وهكذا، إذا اعتبرتَ شيئا ما أو عملا فنيا ما جميلا فإنّ هذا لا يعني على الإطلاق أنّ الجمال نفسه قد تجلى لأنّ هذا الأخير موجود وفق طبيعته، وبالتالي، فهو خالدٌ عبر الزمن. وفي الأخير بودي أن أشير إلى أنّ التصورات الخالدة أجملَ وأروعَ من الأشياء نفسها.
ألكسندر: وفق هذه الرؤية يبدو أننا كنا جد مخطئين حينما، وبدون تروٍ، اعتبرنا بعض الأشياء جميلة، سواء أكانت في الطبيعة أو في الفن.
أنسلم: بطبيعة الحال لا أنكرُ وجودَ الجمالَ بصفةٍ عامةٍ، ولكنني أنكر وجودَه الزمني. وبإمكاني أن أرد عليك -فيما يخص هذه النقطة بالذات- أنّه ليس لحديث العهد معرفة بالأسرار، حينما يدرك الجمال الحسي الذي هو –والحق يقال- مشتقٌ من الجمال في ذاته، ومع ذلك لا يلقى التأثير الذي يسمح له بتمثّل هذا الجمال. ولكن، وبالنسبة لحديث العهد بالتعرّف على الجمال،سيدرك-بطبيعة الحال- وجها رائع الجمال، من حيث هو محاكاة للجمال، أو بالأحرى للنموذج غير المادي. حينئذ ستنتابه حيرةٌ ويُصاب بالذهول والهلع أو الذعر. ربما أجد لزاما عليّ أن أشير هنا إلى أنّ من أدرك الجمال في ذاته سيتعوّد بكل تأكيد على رؤية النموذج من خلال النسخة الناقصة من دون أن يضطرب أمام قوة الأشياء التي تفرضها على الطبيعة المعاندة، ولكن بحب كل ما يذكره بالبهجة التي كان يحققها من خلال التأمل. فمن المعلوم أنّ كل ما يعارض نموذج الجمال يمكن فهمه عبر المبدأ الطبيعي لما هو مطابق له. علما أنّ أساس هذا الأخير يكمن في الطبيعة المثلى نفسها بل وفي الوحدة التي يجب وضعها بين الطبيعة المنتجة والطبيعة النموذجية التي تتجلى عبرها لأنّ الجمال يبرز في الطبيعة، ولا يمكن أن يبرز إلا من حيث هو موجود. وهكذا، إذا اعتبرتَ شيئا ما أو عملا فنيا ما جميلا فإنّ هذا لا يعني على الإطلاق أنّ الجمال نفسه قد تجلى لأنّ هذا الأخير موجود وفق طبيعته، وبالتالي، فهو خالدٌ عبر الزمن. وفي الأخير بودي أن أشير إلى أنّ التصورات الخالدة أجملَ وأروعَ من الأشياء نفسها.
ألكسندر: ليس لدي أي اعتراض على هذا الكلام.
وإنه مهمٌ في هذا الشأن أن نلاحظ أنه إذا كان الجمال يكتسي طابعا لا زمنيا،
فإنّ هذا يعني أنّه لا يمكن أن يكون شيء ما جميلا إلا بالنظر إلى تصوره
الخالد.
F. W.J. Schelling, Textes esthétiques, Traduction par Alain Pernet, Paris, éditions Klincksieck, 1978, p 34.
F. W.J. Schelling, Textes esthétiques, Traduction par Alain Pernet, Paris, éditions Klincksieck, 1978, p 34.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق