أعلان الهيدر

الخميس، 19 ديسمبر 2019

الرئيسية فكرة أوليّة حول مفهوم الاعتراف عند أكسل هونيث

فكرة أوليّة حول مفهوم الاعتراف عند أكسل هونيث


فكرة أوليّة حول مفهوم الاعتراف عند أكسل هونيث





    يعتقدُ الفيلسوف والعالم الاجتماعي الألماني المعاصر أكسل هونيث Axel Honneth ، الذي يُعدُّ اليوم ممثل الجيل الثالث لمدرسة فرانكفورت، أنّ براديغم Paradigme الاعتراف La reconnaissance يهدف إلى تأسيس نظرية معيارية للمجتمع، وهذا بغرض إعادة تحيين أو تجديد النظرية النقدية نظرا لجملة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي عرفها العالم المعاصر في السنوات الأخيرة وتأثيرها البنيوي العميق في الحياة الاجتماعية وواقع المعيش اليومي للأفراد والجماعات في مختلف البلدان والأوطان.انطلاقا من هذا، قام في كتابه الموسوم ﺑ "الصراع من أجل الاعتراف" بإعادة بناء التجربة الاجتماعية انطلاقا من أشكال الاعتراف التذاوتي التي يعتبرها مُؤسِّسة للهوية حتى تحقق الذاتُ وجودها داخل نسيج العلاقات الاجتماعية. لذلك، ومن أجل تحقيق هذا الغرض، عمل أكسل هونيث على إعادة إدماج بنيوي لمختلف أشكال الصراعات الاجـتماعية وأنماط التجارب الأخلاقية المعاشة ضمن ما يسمى ﺑ "النموذج المعياري" للاعتراف المتبادل Reconnaissance mutuelle. ضمن هذا السياق يرى أكسل هونيث أنّ عملية تكوين الذات ضمن سياقاتها الاجتماعية أمر يتوقف على ما يسميه بالتبادلات التفاعلية؛ فمن خلال التفاعلية التذاوتية التي تتم بين الفرد والآخرين ، وما تتضمنه هذه التفاعلية من أشكال التعامل الاجتماعي التي ستسمح –من دون شك- للفرد أن يكتسب وعيه بذاته وبكيفية تحقيقها من خلال آراء ومواقف الآخرين. والحقُ أنّ هذه الفكرة بالذات كان قد أشار إليها من قبل الفيلسوف والسوسيولوجي الأمريكي المعاصر جورج هربرت ميد Georges Herbert Mead في كتابه الموسوم ﺑ "العقل والذات والمجتمع" حينما أشار إلى عدم إمكانية تحقيق ذواتنا إلا من خلال الاعتراف بالآخر، ومن خلال علاقتنا به على وجه الخصوص. غير أنه يتعين التنبيه في هذا السياق إلى أن الاعتراف المتبادل –بحسب أكسل هونيث-كفيل بوضع حد للصراعات الاجتماعية القائمة على السيطرة والهيمنة والظلم الاجـتماعي لأنّ الأفراد يحققون ذواتهم واستقلالهم الذاتي عن طريق التذاوت والتفاعل الايجابي مع الغير واعتراف هؤلاء بهم، باعتبارهم بشرا قادرين على تحقيق حاجاتهم وقناعاتهم ومؤهلاتهم. وهذا –بطبيعة الحال- ما سيجعلهم يشعرون بقيمة ذواتهم أمام الغير. علما أنّ هذه الصراعات الاجتماعية ليست مجرد صراعات تحركها المصالح المادية فقط بل هي صراعات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالأبعاد المعيارية والقيمية وبجملة التطلعات التي تهدف إلى تحقيق مطلب الاعتراف باعتباره مطلبا إنسانيا حيويا. ولكن ومع ذلك فإنّ هذا المطلب لن يتحقق إلا ضمن العلاقات الاجتماعية التذاوتية، وهي علاقات تتوقف–بحسب ممثل الجيل الثالث لمدرسة فرانكفورت- على تحقيق ثلاثة نماذج أو أشكال معيارية متميزة للاعتراف، وهي: الحب L’amour والحق Le droit والتضامن La solidarité.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.