أعلان الهيدر

الأربعاء، 4 ديسمبر 2019

الرئيسية رسالة في فن الرسم

رسالة في فن الرسم


رسالة في فن الرسم

تأليف: كاميل كورو
ترجمة: كمال بومنير


 لا يَنظَّمُ إنسانٌ إلى مجال الفن إلا إذا كان مُغرما بالطبيعة ومستعدا لاقتفاء أثرها بجدية واهتمام، بحيث لا يكون غرضه السعي لتحصيل المال واكتسابه. ولا ينبغي له أن ييأس حينما لا يتقبّل الناسُ أعماله الفنية تقبلا حسنا. لذا يجب أن يكون مقتنعا اقتناعا تاما بأهدافه، غير مبالٍ بالعوائق التي تعترض سيره نحو تحقيق هذه الأهداف. ولا يجب أن يتوقف عن العمل سواء أثناء الانجاز أو المشاهدة. على الفنّان أن يكون واعيا تمام الوعي بإمكانية إنجاز أعمال فنية راقية. وحتى إذا برز عيبٌ ظاهرٌ للعيان في هذه الأعمال، كان لزاما عليه مواصلة عمله. فمن المعلوم أنه لا يمكن أن يصبح المرءُ فنّانا بين عشية وضحاها. لا شك أنّ بمرور الزمن سيقارب الطبيعة. والأهم في كل هذا أن لا ينجز إلا ما يراه أمامه وبالكيفية التي يرى بها الأشياء. وحتى يدعم ويوطد مسيرته الفنيّة لا بأس أن يطلّع من حين إلى آخر على أعمال كبار وأحسن الفنّانين: ميكائيل أنجلو Michel-Ange، رفائيل Raphaël ، ليونارد دي فنشي Léonard de Vinci، هولباين Holbein، كوريج Corrège، لو تيتيان le Titien، بوسان Poussin، لوسيور Lesueur، كلود لورين،Claude Lorrain ، هوبيمة Hobbema، تيربورغ Terburg ، ميتسو Metzu، كناليتو Canaletto. إنّ استلهام أعمال هؤلاء الفنّانين الكبار قد يساعده (الفنّان) على تطوير وسائله.
   والحال أنّ من واجب الفنّان أن يدرس- أولا وقبل كل شيء- الشكلLa forme  ثم القيم Les valeurs. اعتقد أنّ دراسة الشكل والقيم هو المرتكز الأساسي الجاد في الفن. أما اللون والأداء فيطبعان العمل الفنيّ جمالا وبهاءً. هذا، ويبدو لي أنه من الأهمية بمكان أن يحضّر الفنّان دراسةً أو لوحةً من خلال تحديده القيم الأكثر وضوحا (إذا افترضنا أنّ اللوحة بيضاء مثلا) وأن يواصل العمل باتباع الترتيب، وصولا إلى القيمة الأكثر ضياءً. بهذه الكيفية تكون اللوحةُ وفق ترتيبٍ ونظامٍ. يقودني هذا إلى القول بأنه لا ينبغي أن يضايق ذلك الفنّان أو يزعجه. لهذا السبب، لا يجب أن يضيِّع هذا الأخيرُ الانطباع الأول الذي تأثر به. وعليه أن يبحث عن الرسم الأمثل، ثم عن القيم –العلاقة بين الأشكال والقيم- هذا هو المرتكز الأساسي في فن الرسم. إذا كنتم تريدون القيام بدراسة أو برسم لوحة فنية: ابحثوا أولا عن الشكل ثم انتقلوا بعد ذلك إلى القيم.  
Camille Corot, Corot  raconté par lui-même et par ses amis. Pensées et écrits du peintre. Genève, Pierre  Cailler éditeur, 1946, p 82.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.