المعجزة والوحش –رؤية سوسيولوجية لفيروس كورونا
تأليف: هارتموت روزا
ترجمة: كمال بومنير
نعم، يمكننا إيقاف العالم. إنّه لأمرٌ سهلٌ ميسورٌ.هذه هي المعجزة التي سيحققها –بحسب ما يبدو لي– فيروس كورونا. لا يخفى أنّ هذا ما فعلناه نحن البشر، وليس الفيروس! وهذا باستخدام القوة نفسها التي دفعتنا إلى إنتاج المزيد بطريقة أسرع. نحن نعرف كيف نتوقف. ولكن ماذا نفعل بعد ذلك؟
إنّ ما نشهده اليوم ليس سوى معجزة اجتماعية. شيء لا يصدق هذا الذي يحدث. العالم يتباطأ. أصبح يبدو كما لو أنّ فرامل عملاقة أصبحت تكبح عجلات الإنتاج والحركة والتسارع الدائمة. لقد عرف كوكبنا، منذ قرنين، في بداية القرن التاسع عشر، عملية ديناميكية (متفاوتة وعنيفة في أغلب الأحيان): لقد سيّرنا العالم دوما بوتيرة سريعة جدا.
يكفي أن نلقي نظرة على الأرقام: فمن المعلوم أنه منذ عام 1800 ازداد الإنتاج والاستهلاك الاقتصادي واستخدام واستنزاف الثروات والموارد الطبيعية واستعمال الطاقة، وازدادت أيضا الكتلة البشرية بكاملها وعدد الأشخاص بشكل مستمر وبسرعة فائقة. فحينما ننظر إلى حركات الناس والبضائع والمواد المتداولة في كوكبنا نحصل على منحنى نمو مذهل لا يعرف عمليا أي انقطاع أو توقف أو حد يكتسي أهمية بالغة. ولا يمكن إنكار أنّ الركود الاقتصادي والحروب قد أنقصت أحيانا سرعة الإنتاج والحركة، ولكنهما أنتجتا دوما أشكالا وفرصا جديدة للنمو والتسارع.نحن نعرف الآن بفضل بول فيريليو Paul Virilio أنّ الحروب كانت دائمًا سببا رئيسيا للتسارع والتعبئة.
وفي الوقت الراهن؟ يتوقف العالم، ليس بسبب أزمة اقتصادية أو نشوب حرب أو كارثة طبيعية: نحن البشر، الذين توقفنا عمداً بموجب قرار سياسي! فمعلومٌ أنّ الفيروس لا يُتلف طائراتنا ولا يدمر مصانعنا ولا يجبرنا على المكوث في بيوتنا بل إنّ اختيارنا السياسي وفعلنا الجماعي هو من قرّر ذلك. نحن البشر من يفعل ذلك!
نستطيع فعله! لقد فعلناه !
لماذا هو أمرٌ لافتٌ للنظر؟ لأنه منذ أكثر من خمسين سنة من القلق المتزايد بشأن الكوارث الناتجة عن التغيّر المناخي الوشيكة الوقوع، وكل المؤتمرات العالمية الكبرى حول المناخ، عجزت كل أحزاب الخضر والسياسيات البيئية عن تخفيف سرعة النمو. والحالُ أنّ دواليب النمو والتسارع العالميين كانت غير مكترثة تمامًا بهذه الانتقادات والمخاوف، وبجميع التدابير السياسية المتخذة بغية مواجهة الأزمة المناخية. عدد السيارات؟ يزداد من سنة إلى أخرى. عدد رحلات القطارات؟ نلاحظ وقوع انفجار عالمي في السنتين الماضيتين. عدد الشاحنات التي تسير على الطرق؟ عدد الحافلات؟ عدد الميتروات ؟ عدد سفن الرحلات البحرية وسفن الحاويات؟ من المؤكد أنّ كل هذه الأرقام ترتفع بسرعة كبيرة.
والأكثر أهمية هي –بطبيعة الحال- حركة الطيران: وهذا ما يظهر من خلال الزيادة المذهلة في عدد الطائرات والرحلات والركاب في العالم برمته. والآن، في شهر أبريل 2020 ؟ لقد تهاوت الأرقام في كل المجالات، وفي كل مكان من العالم تقريبًا. لقد عرفت انخفاضا على نحو يتعذر تخيله تماما قبل بضعة أشهر. إنها معجزة. أقول وأكرّر مرة أخرى إنّ كل الأدلة المتعلقة بإمكانية حدوث أزمة مناخية، التي طالما أحسسنا بحدوثها في العديد من الأماكن في كوكبنا في السنوات القليلة الماضية، وكل مقاصدنا السياسية عجزت عن فعل أي شيء لإيقاف أو الإبطاء من سرعتنا. لقد استغرقنا أكثر من مائتي سنة في توجيه انتقادات لاذعة لتراكم رأس المال. ولكن الأمر متوقف الآن. ومع ذلك ما زلنا على قيد الحياة! نحن من يمكن أن نفعل ذلك! لقد فعلناه !
إنها تجربة جماعية للفاعلية الذاتية التي لا تصدق على الإطلاق:
نعم، يمكننا أن نسيطر على العالم، أو أن نوقفه على الأقل! يمكننا إيقافه، وإعادة تشغيله من جديد! لذلك، اعتقد أنه من الخطأ الادعاء بأنه "لا يوجد شيء يمكننا القيام به حيال دواليب الرأسمالية وقوة الأسواق المالية "، الخ. بل على العكس تماما، من السهولة بمكان القيام بشيء ما!
ورغم ذلك، فإن الحثّ على التوقف أمرٌ مختلف تماما –بطبيعة الحال- عن خلق مجتمع مختلف، فهذا أشبه بحادثٍ. وتوضيح ذلك أن المجتمع الحديث كما كان يسير منذ قرنين من الزمن لا يمكن أن يستقر إلا بصورة ديناميكية. من المؤكد أنّه لا يمكن أن تقوم مؤسساتنا بأدوارها بدون نمو أو تسارع دائمين. والحالُ أننا سنفقد وظائف ومؤسسات اقتصادية، ولا يمكننا الحفاظ على منظومتنا الصحية، ولا على نظام تقاعدنا، كما لا يمكننا تشغيل مؤسساتنا الثقافية والتربوية، الخ. لهذا السبب، وفي هذه اللحظة بالذات،نحن على وشك الاصطدام.
من المعلوم أنّ الدراجة الهوائية المتحركة تحافظ على توازنها ديناميكيا، وطالما أنها تتحرك، فإنها تسير بشكل ثابت، ولكن إذا قلّت سرعتها أو توقفت عن السير، يختل توازنها وتسقط. إنّ بلوغ هذا المستوى يقتضي منا خلق مجتمع جديد، أو إعادة تشغيل دواليب التسارع من جديد في أقرب وقت ممكن. ولا اعتقد أنّ الحل الأخير فكرة جيّدة لأن فيروس كورونا سمح لنا بالقيام بخطوة كبيرة نحو إعادة خلق مجتمع جديد، ومن التوجه نحو تغيير البراديغم المجتمعي.
لماذا ليس محبذًا العودة إلى نظام التوازن ديناميكي؟ لأنه، باختصار شديد، عرف هذا النظام أزمة حادة، أو بالأحرى سلسلة كاملة من الأزمات، وهذا منذ فترة من الزمن. والجدير بالذكر بهذا الصدد هو أنّ الحاجة إلى إنتاج النمو باستمرار، وإلى الابتكار والتسارع قد أنتجت واقعا اجتماعيا متميزا بنمط حياة متسم بطابع عدواني من جميع الجوانب. وقد أدى ذلك إلى هجمات عدوانية على الطبيعة من خلال الصناعات الاستخلاصية، أو من خلال المستويات المرتفعة من التلوث. ولا يخفى أنّ هذا قد وطّد العدوانية في العالم السياسي. وأما فيما يتعلق بأولئك الذين لديهم وجهات نظر سياسية متباينة (كأنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي Brexiteers وأنصار البقاء في هذا الاتحاد Remainers في المملكة المتحدة مثلا، أو أنصار ترومب Trumpians والديمقراطيون في الولايات المتحدة) فقد أصبحوا معادين، أكثر وأكثر، للآخرين بل أصبحوا يرفضون الاستماع إلى بعضهم البعض. وقد أدى هذا أيضا إلى ظهور شكلٍ جديد من الاعتداء الذاتي على المستوى الفردي وهو يتزايد يوميا: وتوضيح ذلك أنّ الذوات أصبحت تكافح باستمرار ضد أجسادها وشخصيتها باسم تحسين الأداء على المستوى الذاتي.
والجدير بالذكر بهذا الصدد أنّ عواقب هذا العدوان لا تتجلى فقط في الحالات المؤكدة المتعلقة بالإرهاق في العمل والاضطرابات المرتبطة بالتوتر، ولكن أيضا في القلق العام من هذا الإنهاك ومن خلال أشكال من الوساوس المرتبطة بالرقابة الذاتية. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم كل الجهود التي بذلت لزيادة الطاقة المادية والسياسية والنفسية التي تم استثمارها في نظام التسارع فإنّ معدلات النمو الاقتصادي ليست مرتفعة ومستقرة بما فيه الكفاية: من المعلوم أنّ الأسواق الاقتصادية والمالية في أزمة منذ عام 2008 إلى درجة أنه حتى أسعار الفائدة السلبية لم تعد قادرة على إنعاش محركات النمو. لذلك فإنّ نظام التثبيت الديناميكي كما كان يشتغل قبل أزمة فيروس كورونا، قد أنتج أزمات بيئية واقتصادية وسياسية ونفسية خطيرة.
إذن لماذا العودة إلى هذا النظام؟ الملاحظ أنّ معظم الناس في مختلف بقاع العالم كانوا واعين إلى حد ما أنّ الانهيار الاقتصادي والسياسي والنفسي، والإيكولوجي على وجه الخصوص، قد أصبح وشيك الوقوع. غير أنّ الانطباع العام السائد هو أنه لا أحد بمقدوره أن يفعل شيئا ما ضد الآلة. وكأنّ الاقتصاد ومنطق الأسواق والعولمة والتسارع و"التقدم" التكنولوجي هي بمثابة قوانين طبيعية. لقد أصبحنا نرى اليوم كيف أنّ فيروس كورونا قادر على توقيف بسهولة غير متوقعة كل شيء في غضون أسابيع قليلة. من المؤكد، أنها طريقة مجازية في الكلام: لم يفعل فيروس كورونا أي شيء من هذا القبيل! نحن من فعل ذلك! كان بإمكاننا أن نفعل ذلك! لقد تصرفنا سياسيا! لقد أصبح شعار "افعلها فحسب"، لشركة نايك Nike حقيقة سياسية جديدة.يا له من انتصار للفاعلية الذاتية.
وفي هذا المضمار، حتى نمضي قدما- وهذا بطبيعة الحال هو أصعب شيء –يجب أن نفهم الطبيعة الحقيقية "للفرامل الاجتماعية " التي أدت إلى توقف المنظومة. ومثلما أنّ الطاقة ضرورية لإيقاف الحركة، كما هو معلوم في العلم الفيزيائي، كذلك إيقاف حركة عالمية بهذه الضخامة يتطلب الكثير من الطاقة. لذلك فإنّ السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ما هو مصدر دافع الفاعل السياسي الذي في غضون أسابيع قليلة، قرّر إغلاق مدارسنا وجامعاتنا، وإغلاق المصانع أو أمرهم بإنتاج أجهزة طبية بدلاً من السيارات، بل الغريب في الأمر هو إلغاء جميع بطولات كرة القدم في العالم ؟! ما أريد أن أقوله هنا هو أنّ "القوة الثقافية نفسها التي أدارت محركات التسارع" أصبحت الآن تجبر منظومتنا على التوقف. ولعلّنا نذكّر عند هذه النقطة بأنّ هذه القوة الثقافية تكمن في الرغبة في التحكم والسيطرة. فيروس كورونا يشير إلى عودة عدم التوافر L’indisponibilité في شكل وحش:
تجدر الإشارة إلى أنني كنت قد حاولت أن أبيّن في كتابي الموسوم ﺑـــ "جعل العالم غير متوفر" المحرك الثقافي الذي يغذي قوى نظام التثبيت الديناميكي الذي يكمن في الفكرة والرغبة في توسيع أفق ما يمكن توفيره. فليس بخافٍ أننا نرفض حدود المعرفة العلمية من خلال استخدام المراصد الفلكية والمجاهر، على سبيل المثال، ونسعى دوما للمزيد من التحكم التكنولوجي في العمليات الطبيعية. وهكذا، ازداد تحكمنا في المادة حينما اكتسبنا القدرة على تقسيم الذرة. وعلى هذا النحو،أصبحنا قادرين على التحكم في هذه المادة من الداخل، إذا صح التعبير. بالإضافة إلى ذلك، أصبحنا نرفض الحدود الاقتصادية لما يمكن أن يكون متوفرا ومتاحا للأفراد من خلال زيادة الثروة وخفض الأسعار. كما أننا نحاول جعل العمليات الاجتماعية قابلة للتحكم بفضل شبكة عالمية من اللوائح السياسية والنظم القانونية. وهكذا، ومن خلال إضفاء الطابع التجاري والقانوني، أصبحت كل جوانب الحياة -على وجه التقريب- متاحةً، متوقعةً، محميةً ومضمونةً من الناحية القانونية.
يشير فيروس كورونا Sars-Co-V2 اليوم إلى عودة عدم التوافر في شكل وحش. والجدير بالذكر بهذا الصدد هو أننا لم ندرس هذا الفيروس علميا ولا يمكننا التحكم فيه ولا حتى معالجته طبيا. كما أننا لا نستطيع تقنينه سياسيا أو قانونيا. وليس لدينا أي فكرة عن عواقبه الاقتصادية. إنه –والحقُ يقال-أمر لا يمكن ضبطه والتحكم فيه. بل الأدهى من ذلك أنه قد اتضح أننا لا نستطيع رؤيته أو سماعه أو لمسه أو شمه. وهو ما يجعله وحشا. قد يكون هذا الفيروس موجودا في أي زاوية مخبأة، أو أن يطفو في الهواء، ومن المحتمل أنه قد سكن في جسم إنسان غريب التقيت به في الشارع أو شخص بجانبي أو ربما هو موجود في جسدي! تجب الإشارة هنا إلى أنّ فيروس كورونا هو تجلٍ لأسوأ ويلات الحداثة: العالم الذي أصبح غير متوافر.
وينبغي الإقرار أننا فقدنا نجاعتنا، لذلك عجزت منظوماتنا عن التحكم في هذا الفيروس الذي لا نراه، إلى درجة أنّ حواسنا لم تعد قادرة على الإشارة إلى الخطر. ولا شك أنّ هذا الخوف يكمن في واقع الحداثة المتأخرة La modernité tardive. ثمة شعور متزايد بأن المسألة المناخية قد خرجت عن نطاق التحكم والسيطرة، وأنه لم يعد من الممكن تنظيم الأسواق الاقتصادية سياسياً، وأنّ العالم السياسي بعد دونالد ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي أمر مجهول، وأن العالم كله أصبح في حالة اضطراب. لقد أصبح لدينا الآن اسما وهدفا لهذا القلق: فيروس كورونا غير المتحكم فيه! لقد كان رد الفعل العالمي الذي لاحظناه متوقعا تمامًا: وحريٌّ بنا أن نشير إلى أننا نحاول بذل كل ما في وسعنا من النواحي العلمية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية بغية "استعادة التحكم" (والأمر هنا ليس صدفة إذا كان هذا هو شعار أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي!).
لقد صاغت منظمة الصحة العالمية OMS هذا الهدف بوضوح: التحقّق من كل حالة، والعثور على جميع الأفراد الذين اتصل بهم الشخص المصاب، وعزل جميع حاملي الفيروس. من الواضح أن الأمر هنا متعلق باستعادة التوافر. ومن الواضح أنّ هذا الأمر تافه مادام أنه يتعذر تحقيقه. من المؤكد أنّ هذا لا يعني أنها إستراتيجية فاشلة. هناك أسباب طبية ووبائية وجيهة للتعامل مع هذا الفيروس بالضبط كما نفعل. ومع ذلك، يمكن القول بأنّ فيروس كورونا يعلمنا أنّ هذا الفيروس ليس قدرنا. لذلك كان لزاما علينا محاربته بكل ما أوتينا من قوة، وعلى جميع المستويات: العلمية والطبية والسياسية. كما أنّ هذا الفيروس يجعلنا ندرك أن الحياة الإنسانية هشة بل وأكثر من ذلك، لا يمكن توقعها ولا التحكم فيها.
آن الأوان لتغيير البراديغم:
من الناحية الاجتماعية لا تختلف القوة المذهلة "للفرامل الاجتماعية والسياسية"، التي بفضلها يتم إيقاف العالم أو التخفيف من سرعته، عن المحرك السوسيو-الثقافي (والمؤسساتي) الذي غذّى عملية التسارع. ومع ذلك، فإنّ هذه القوة تغير الوضع بكيفية تجعلنا نعي تمام الوعي نه بإمكاننا،كذوات سياسية، القيام بفعل سياسي فعّال. والحالُ أنّ فيروس كورونا تجربة جديرة بالإعجاب فيما يتعلق بالفاعلية الذاتية المشتركة. يمكننا بل يجب علينا استخدام هذه القوة لمواجهة الأزمة المناخية - وكذلك كل أشكال العدوان الأخرى. وفي هذا المضمار نقول: لقد آن الأوان لتغيير البراديغم. ربما تجدر الإشارة إلى أنّ تغيير البراديغم لا يكون ممكنا إلا عندما يدخل براديغم قديم بشكل صريح في أزمة.
لأنه في "الأوقات العادية"، تكتفي المؤسسات والعمليات الاجتماعية بإتباع القواعد والإجراءات الروتينية القائمة والراسخة بعمق أحيانا قد يبدو فيه التغيير مستحيلا. ضمن هذا السياق يشير علماء الاجتماع إلى أنّ تغيير الوضع وإحداث تحوّلات وابتكار شيء جديد أمر مكلف للغاية طالما بقيت النظم الاجتماعية والاقتصادية تشتغل بشكل سليم على مستوى اليومي.
ولكن من وقت إلى آخر من مسار التاريخ، وأثناء الأزمات و/أو الابتكارات، هناك لحظات تاريخية من التردد أو "التشعب" تجعلنا لا نعرف كيف سوف تستمر جماعة أو مجتمع سوسيو-ثقافي. في مثل هذه الحالات، لا يمكن للنماذج السوسيولوجية أو الاقتصادية التنبؤ بالمستقبل لأنه مفتوح بشكل أساسي. تشير حنة أرندتHannah Arendt إلى أنّه يمكن أن يولد في هذه اللحظات شيء جديد، حينما تتوفر القدرة البشرية على الابتكار - التي تسميها "الولادة"– بحيث يمكن فتح مسار جديد. وأنا أميل إلى تفسير هذه اللحظات على أنها لحظات من التجاوب الجماعي. وعلى هذا النحو، يشعر الفاعلون الاجتماعيون من الناحية الوجودية أنهم منفعلين ومتأثرين بالوضع، وأنّ بإمكانهم التوقف والاستماع والرد على هذا الوضع بالطريقة التي تحوّلهم وتحوّل العالم الاجتماعي الذي يحيط بهم .غير أنّ نتيجة هذا التحول غير متوفرة لأنها غير متوقعة. ومع ذلك، يمكن أن يُحدث التغيير.
Hartmut Rosa, Le miracle et le monstre – un regard sociologique sur le Coronavirus, https://aoc.media/analyse/2020/04/07/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق